بين تصريحات الحكومة حول القطاع العام.. والواقع المر
نزار عادلة نزار عادلة

بين تصريحات الحكومة حول القطاع العام.. والواقع المر

لعل أهمية التصريحات التي يدلي بها الفريق الاقتصادي الحكومي، والتي تعاكس ما يجري على أرض الواقع جملة وتفصيلاً، أنها تفضح المراوغة الحكومية وسياستها المستمرة بـ«الضحك على اللحى».

في أسبوع واحد يؤكد د. فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة التمسك بالقطاع العام، وأن الوزارة اتخذت قرارات عديدة لمصلحة القطاع العام الصناعي، واعداً بتقديم المزيد من التسهيلات لعمل الشركات العامة وحل المعوقات التي تواجهها.

ثم يأتي عبد الله الدردري النائب الاقتصادي ويؤكد أن القطاع العام الصناعي هو القطاع الرائد، وأن الحكومة ملتزمة ما أمكن لتقديم كافة التسهيلات والخدمات وإزالة كل العوائق التي تعيق نموه أو التي تحد من زيادة قدرته التنافسية...

لتأتي الوقائع الميدانية وتقول إن هذه التصريحات لا تعدو كونها تجميلاً لقصور أداء الحكومة وتلكئها بإنجاز الإصلاح الإداري طوال /10/ سنوات لم تتخذ فيها أية إجراءات في هذا السبيل حتى من منطلق ليبرالي! لكنها طرحت موضوع الإصلاح الاقتصادي، ونتائج هذا الإصلاح نحصده اليوم، وما جرى حتى الآن يتفق ومصالح الكومبرادور.

في العام الماضي جرى تكثيف الحديث عن التشاركية بين العام والخاص، والحقيقة أن ما جرى في هذا الموضوع هو وضع أجهزة الدولة من مصارف وشركات بيد السماسرة أمام طغمة مالية لتتراكم الأموال أكثر بين يديها، وتحصد الأكثرية الشعبية المنتجة علقم إجراءات الحكومة في التحول إلى اقتصاد السوق فقراً وإلغاء دعم وزيادة في الضرائب..

أما عن دعم القطاع العام الصناعي، وبعد أيام من تصريحات الوزير، طلبت وزارة الصناعة من اللجنة الاقتصادية الموافقة على الإعلان عن حاجاتها للتعاقد مع شريك استراتيجي في مجال صناعة الإطارات، بحيث يتضمن الإعلان ميزات ومحفزات تشجع المستثمرين وأصحاب الخبرة في صناعة الإطارات على الأقدام والدخول في شراكة مع الشركة العامة للإطارات بحماه تسهم في معالجة أوضاعها وتطويرها. وأوضحت وزارة الصناعة كما جاء في الصحافة المحلية، أن بعض المحفزات التي يمكن تقديمها، إعفاء الشريك من ضريبة الدخل المترتبة على دخوله في الشراكة مدة خمس سنوات بعد تحقيق كفاية السوق ورفع نسبة الرسم الجمركي المفروض حالياً على الإطارات المستوردة بما يتماثل مع الرسوم المفروضة في الدول المحاورة.. وأبدت الوزارة في كتابها إلى اللجنة الاقتصادية بيانات صادرة عن مديرية الجمارك تفيد أن رسوم الإطارات في كل من مصر والأردن ولبنان تزيد عن أكثر من أربعة أضعاف الرسوم المفروضة في سورية.

إذاً هذا هو دعم القطاع العام الصناعي.. طرح أبرز وأهم الشركات على المشاركة والاستثمار، ومنح الشريك أو المستثمر ما تطالب به شركة الإطارات إدارة ونقابة بعشرات المذكرات المرفوعة للجهات الوصائية، ولكن دون جواب.. نعم، دون جواب!! حتى وصلت الشركة إلى انهيار من خلال خسارتها أكثر من مليار ل.س.

لماذا تمنح الميزات والمحفزات لمن يقدم على استثمار الشركة كالإعفاء من ضريبة الدخل، علماً أن الشركة حولت من عام 1991 ولغاية العام 2004 ضريبة دخل للمالية بلغت /503.542.694/ ل.س، وسددت مبلغ /332.937.322/ ضرائب أخرى من العام 1991 ولغاية 2003، وسددت الشركة إلى المؤسسة الكيماوية لقاء الفوائض الاقتصادية مبلغ /489.454.142/ ل.س منذ بدء الاستثمار ولغاية 31/12/2008.

الشريك سوف يعفى لمدة خمس سنوات، كما وعده الوزير برفع نسبة الرسم الجمركي المفروض حالياً على الإطارات المستوردة أسوة بدول العالم، وهناك مئات المذكرات التي رفعت منذ أكثر من خمس سنوات من إدارة الشراكة ومن النقابة ومن الاتحاد العام لنقابات العمال تطالب بفرض رسوم إغراق على الإطارات المستوردة من كافة دول العالم كونها أغرقت الأسواق السورية لكن دون جدوى، علماً أن الدول الرأسمالية والدول العربية جميعها تفرض رسوم إغراق على الإطارات تصل إلى /200%/ حماية لصناعاتها، وفي سورية تدخل الإطارات دون ضوابط نوعية ودون رسوم، ولم تستطع شركة الإطارات المنافسة أمام الإقبال على المستورد الأخفض سعراً، لذلك امتلأت مستودعات الشركة بالإنتاج وتوقفت عن العمل.

لمْ تُمنح الشركة هذه الميزة ولكن سوف تمنح للشريك!.

علماً أن الشريك سيحصل على امتيازات أخرى كالقروض من المصارف وإدخال مواد أولية دون رسوم، بينما الشركة طالبت بمنحها قرضاً بـ/100/ مليون ل.س لتطوير عملها ولكن جرى رفضه..

واقع شركة الإطارات هو واقع كل شركات القطاع العام الصناعي، مما يثبت أن الحكومة تريد أن نكون دولة بلا اقتصاد، لأن اقتصادنا يتجه لأن يكون «مولات» لوكلاء الاستيراد والسماسرة.