الصندوق يخبئ دعم المازوت، فمتى سيفرج عنه؟!

الصندوق يخبئ دعم المازوت، فمتى سيفرج عنه؟!

فلسفة جديدة قررت الحكومة السورية اعتمادها وتجربتها على المواطن السوري منذ انطلاقة الخطة الخمسية العاشرة، ألا وهي صناديق الدعم المزعومة، فمن صندوق دعم الإنتاج الزراعي الذي خفض - بجدارة غير مسبوقة - حجم الإنتاج الزراعي بعد رفع الدعم عن هذا القطاع الاستراتيجي الذي كان يساهم في العام 2005 بنسبة 25% من الناتج المحلي وبالأسعار الثابتة، بينما هو الآن بحدود 20% من الناتج المحلي وبالأسعار الجارية، أي أنه لو لم تمت حسابات هذا القطاع بالأسعار الثابتة لكانت لانخفضت نسبة المساهمة بالتأكيد، مروراً بصندوق دعم الصادرات، وصندوق دعم الصناعة، وصولاً اليوم إلى صندوق المعونة الاجتماعية الذي يخبئ بداخله الدعم على المازوت، ولهذا حكاية أخرى..

كثرت الصناديق التي لم تجلب سوى تراجع القطاعات المدعومة بصناديق مغلقة بوجه محتاجيها، أو شبه «مسدودة» على طالبيها، لأن حجم الرصد الأساسي لا يسمح بإعطائها غير هذا الدور الشكلي، فالقضية واضحة، صناديق للدعم بالاسم فقط لرفع العتب الشعبي عن الحكومة وواجباتها لا أكثر، بينما تتباهى الحكومة شكلاً بأنها تؤسس لشبكة حماية اجتماعية «متكاملة»، والدليل صناديق متنوعة على حسب الطلب!.

فالصناديق الزراعية أو الصناعية لم تقلل الآثار السيئة لتطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي على هذه القطاعات الرئيسية، فهل سيكون صندوق المعونة الاجتماعي استثناء عن القاعدة ويقلل الآثار السيئة لتطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي على الشرائح الأشد فقرا والأقل دخلا كما تقول الحكومة؟! أم أنه سيكون بؤرة جديدة من الفساد، وسيعجز هذا الصندوق عن إيصال المعونة الاجتماعية إلى مستحقيها الفعليين، خصوصاً وأن التجربتين السابقتين اللتين اعتمدتهما الحكومة من أجل إيصال الدعم إلى مستحقيه (البطاقات، والشيكات) أثبتا فشلهما باعتراف الحكومة.

الشتاء بات على الأبواب، والحكومة لم تحدد بعد شروط معونة صندوقها الاجتماعي، ويبدو أن عملية توزيع الدعم لهذا العام لن تتعدى كونها مجرد تجربة ثالثة ستثبت فشلها بعد حين، لأنها ستأتي متأخرة، وستجد من يخرقها ويستفيد من دعم ليس بحاجة له!.

والأهم من كل هذا هو التجربة الأردنية، حيث تخلل صندوق المعونة الوطني الأردني الكثير من المشكلات، ومن أهمها تدني حصة الدعم المقدم لمستحقيه، والخروقات التي اكتنفت تطبيقه، وإيقاف إعطاء الدعم – على قلته - وفقاً لمزاج القائمين على هذا الصندوق، فهل ستكون التجربة السورية أكثر نجاحاً من شقيقتها الأردنية؟! وكلنا يعلم أن التجارب الناجحة نفشل نحن بتطبيقها، فكيف سيكون التطبيق إذا كانت التجربة فاشلة أصلاً؟!.