5 مليون نازح سوري.. والجهات الحكومية تسجل غياباً في إعانتهم
بعد أن طلبت منهم ترك منازلهم حرصاً على حياتهم وأمنهم، غفلت الجهات الحكومية أمر تلك الأسر التي اتخذت المدارس والملاجئ المتفرقة مسكناً لها، دون توفير الرعاية اللازمة لهم من ضروريات الحياة، وملقية العبء على كاهل المنظمات الإنسانية والمجتمع المحلي والمتطوعين لتحمل مهامهم الشاقة والمكلفة، ممهدة الطريق لتفاقم أزمات تعيشها تلك المناطق وغيرها من قبل.
ما تقدمه الحكومة عبر مؤسساتها أو الجهات التابعة لها من مجالس بلدية ومحلية سجل اختلافاً ظاهراً في المستوى، فقد لعبت تلك المجالس في بعض المناطق دوراً هاماً وحيوياً مع المنظمات الإنسانية في عملية استقبال وتأمين الحاجات الضرورية للأسر النازحة من مناطقها، في حين تقلص هذا الدور إلى حد الغياب في مناطق أخرى، عملت فيها منظمات الهلال الأحمر والمتطوعون لتلبية الاحتياجات وحيدة.
مجلس مدينة جرمانا: 100 ألف تكاليف يومية
مدينة جرمانا في محافظة ريف دمشق استقبلت في أربع من مدارسها مايقارب الأربعة آلاف شخص من مناطق مختلفة، وتصل التكاليف التي يدفعها مجلس المدينة يومياً في سبيل تأمين الغذاء والمساعدات لهذه الأسر إلى 100 ألف ليرة سورية، حسب رئيس مجلس المدينة جمال منذر.
وتابع منذر « قمنا بتجهيز البنى التحتية للمدارس من كهرباء وصحية ومياه للشرب وتم تجهيز الصفوف بالفرشات للأسر التي قدمت إلينا منذ يوم الخميس الماضي 19 الشهر الحالي».
ويشرح منذر «يتعاون مجلس المدينة مع منظمة الهلال الأحمر على القيام بالمهمة وخاصة تأمين الغذاء، وتم الاتفاق مع مدير الفرن في المنطقة لتأمين الخبز للأسر كأولوية وعلى دفعتين يومياً بتكلفة لا تقل عن 12 ألف ليرة سورية، كما نعمل على تجهيز مطبخ لطهي الوجبات التي يؤمنها الهلال الأحمر، ويتم الاعتماد على المعلبات والسندويشات في باقي الوجبات».
وبين منذر إنه «يشرف على كل مدرسة لجنة مؤلفة من عضو في البلدية ومندوب من الشبيبة والهلال ومختار، كما توجد لجنة تشرف على عمل اللجان جميعاً، وتحتاج هذه المهمة إلى كوادر لمتابعة المتطلبات وتلبيتها، خاصة مع هذه الأعداد الكبيرة».
وحول دور أهل المنطقة في تقديم الدعم، لفت رئيس مجلس مدينة جرمانا إلى أن «العديد من أهل المنطقة استضافوا أسراً نازحة وما زلنا نقدم لهم المساعدات من وجبات غذائية وفرش حتى بعد الاستضافة، فضلاً عن تقديم الكثير من التبرعات اليومية المختلفة من معلبات ووجبات غذائية وسندويش، إضافة إلى الدعم المادي».
في صحنايا ومساكن برزة
المجالس المحلية غائبة
وبالنظر إلى مناطق أخرى استقبلت أسراً نازحة من منازلها، يتبين تراجع الدور الذي تقوم به المجالس المحلية التي تمثل الحكومة في تلك المناطق، حيث اقتصر دور هذه المجالس على فتح المدارس لاستقبال الأسر النازحة لا أكثر، ففي صحنايا على سبيل المثال، يقوم أهل المنطقة بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر بكل الدور، من تأمين الغذاء والمياه والخبز والفرشات للمدارس الحاوية تلك الأسر، دون أي زيادة لمخصصات صحنايا من الخبز أو المياه أو غيرها من مواد.
وبلغ تعداد اللاجئين في صحنايا بمدرستين حوالي 1000، ويقدر عدد النازحين خلال الأحداث الأخيرة إلى هذه المدينة بحدود 3000 شخص معظمهم من السبينة والحجر الأسود، في الوقت الذي لا توجد فيه منظمة رسمية تعطي رقماً دقيقاً، لكن يوجد في المنطقة حوالي ضعف ما يوجد في المدارس في منازل غير مكسوة وقلة أخرى مكنها وضعها المادي من استئجار المنازل.
أما في منطقة مساكن برزة توجد خمس مدارس تدار من قبل فرقة كشاف سورية، تضم أهالي نزحوا من القابون وبرزة البلد وركن الدين، والوضع مشابه لصحنايا من حيث غياب دعم الحكومة لتأمين المستلزمات الضرورية للنازحين، إلا فيما يتعلق بفتح المدارس.
10 آلاف نازح من دمشق وريفها
وعلى اعتبار أن منظمة الهلال الأحمر العربي السوري هي منظمة الإغاثة الوحيدة والرئيسية إن صح التعبير في تواجدها فعلياً على الأرض لتقديم المساعدات، دون إهمال لما تقوم به المنظمات الأخرى مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر والجمعيات الخيرية وغيرها، إلا أن المهام الأكبر من نصيب الهلال الأحمر، بين رئيس العمليات في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري خالد عرقسوسي إن «منظمة الهلال استقبلت في الفترة الأخيرة من 8- 10 آلاف شخص في 18 مدرسة في مدينة دمشق ومثلها في الريف، إلا أن هذه الأعداد متغيرة لأن فترة النزوح ليست طويلة نسبياً ولا تتجاوز بضعة أيام عند البعض».
وعن التعاون مع الوزارات والجهات الحكومية في استقبال النازحين، قال عرقسوسي إنه «جرى استقبال النازحين بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة التربية لتحديد المدارس الملائمة لتحويلها إلى أماكن استقبال، وعملنا على تجهيز المراكز من ناحية توفير الفرشات والمواد الغذائية والمياه، إضافة لوجود فرق صحية وعيادات متنقلة تقدم خدماتها للناس في تلك المراكز وتزودهم بالأدوية في حال حاجتها، كما توجد فرق الدعم النفسي التي يتمحور عملها بالاهتمام دعم الأطفال نفسياً وتسليتهم».
ونوه عرقسوسي إلى أن « الهلال يقوم بالعمل بالتعاون مع الناشطين والجمعيات الخيرية التي يصل عددها إلى 35 جمعية خيرية تعمل بشكل متواصل، لتأمين الطبخ والتنظيف والطبابة أحياناً، فيما يتم العمل بالتنسيق مع مجالس المدن والبلديات وشعبة الهلال في كل منطقة، وتحرص الهلال كمنظمة محايدة على عدم حدوث أي نشاط سياسي في أماكن تواجدها حفاظاً على حياديتها ومنعاً لأي احتكاك».
وحول التكاليف المترتبة على المساعدات، بين رئيس العمليات في الهلال الأحمر إن «الهلال يحصل على الدعم عن طريق مواد عينية نستلمها من الجهات الداعمة ولا نقوم بالشراء المباشر، حيث نحصل على الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي».
1,5 مليون سوري خارج منازلهم
ويصل عدد المستفيدين من الوجبات الغذائية التي يقدمها الهلال الأحمر إلى 950 ألف مستفيد في سورية، بينما يقدر عدد المتواجدين خارج منازلهم بحوالي مليون ونصف شخص.
وقام الهلال الأحمر بزيادة كوادره منذ بداية الأزمة لمواكبة الاحتياجات، وكانت التدريبات المقدمة كافية لجعل الهلال محرك الاستجابة الإنساني في سورية.
وتظهر الأرقام الواردة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاعاً في عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من سورية، وتتوزع أرقام النازحين السوريين على النحو التالي:
الأردن: هناك 35 ألف شخص مسجل رسمياً لدى الأمم المتحدة، ولكن الحكومة الأردنية تقول للأمم المتحدة إن هناك في الواقع ما بين 90 ألف و 150 ألف سوري موجودون في الأردن، ولكنهم لم يسجلوا أنفسهم بعد لدى الأمم المتحدة.
لبنان: هناك 30 ألف لاجئ سوري مسجل رسميا لدى الأمم المتحدة، وقد وصل إلى لبنان 18 ألف سوري يومي 18 و19 تموز فقط، لكنهم لم يسجلوا أسماءهم بعد لدى الأمم المتحدة.
تركيا: المعسكرات تديرها الحكومة التركية وليس الأمم المتحدة، وتقول أنقرة إن هناك 42 ألف شخص سوري في هذه المعسكرات.
العراق: هناك ما بين 7 آلاف و500 إلى 10 آلاف لاجئ سوري، وأغلبهم في المناطق الكردية.