السوق السوداء تصل بالدولار إلى 70 ل. س... القضاء على تلك السوق ممكن.. والخلل الحالي سببته سياسات البنك المركزي!

السوق السوداء تصل بالدولار إلى 70 ل. س... القضاء على تلك السوق ممكن.. والخلل الحالي سببته سياسات البنك المركزي!

تعود مشكلة المضاربة بالعملات في سورية (السوق السوداء) إلى الواجهة، بعدما تعدى سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية حاجز 70 ليرة سورية، وهذا يزيد عن السعر الرسمي بنحو 13ليرة سورية، وهذا الفرق ليس بالقليل، بل إنه يصل إلى 22.5%، وهذا الفرق يشجع بالتالي على تغذية السوق السوداء واستمرارها، فالصرافة في السوق السوداء، لا تتعدى كونها مهنة من لا مهنة له! والضوابط والإجراءات الرادعة تقتصر على الجانب الأمني أحياناً دون الاقتصادي؟! فهل هذا العلاج الأمني يكفي لضبط السوق السوداء؟! ولماذا سمح لهذه السوق الاستمرار والسيطرة على سوق صرف العملات في سورية؟! وما هي تبعات هذا التأثير على الأسعار في الأسواق؟!

 إلغاء السوق السوداء ممكن

لا يختلف اثنان من الاقتصاديين على ضرورة إلغاء السوق السوداء، أو التخفيف من تأثيراتها على أقل تقدير، وخصوصاً بعد الأثر السلبي لهذه السوق على الاقتصاد الوطني في الأشهر العشرة الماضية بشكل خاص، حيث أشار الخبير الاقتصادي د. سامر أبو عمار إلى أنه «يمكن القضاء على السوق السوداء، وهي مؤشر حقيقي على انحراف سياسات البنك المركزي عن الواقع، ففي المنطقة الجغرافية ذاتها يوجد صراف للسوق السوداء، وبجانبه البنك المركزي، ولو لم يتم بيع الدولار من جانب الصراف، فسيبيعها البنك المركزي، فالخلل بسياسات البنك المركزي، وعليه أن يسير مع السوق»..

 

المطلوب قرار جريء

سمح للقطاع الخاص، ومنذ عام 2006 بالحصول على تراخيص لإحداث شركات ومكاتب للصرافة، والهدف من ذلك، هو إعادة الاعتبار لجانب أساسي من جوانب الشفافية في عملية الصيرفة، والتخلص من السوق السوداء، ولكن، وبعد ست سنوات خلت، لم تتمكن تلك المكاتب من إلغاء السوق السوداء، بل تصاعد دورها وتأثيرها في ظل هذه الأزمة، وهذا يحتم التساؤل اليوم عن الآليات الكفيلة بالقضاء على هذه السوق غير النظامية لبيع العملة الوطنية!.. وعند هذه النقطة أضاف د. أبو عمار أن «القضاء على السوق السوداء يحتاج لقرار جريء من البنك المركزي بهدف إعادة تمويل المستوردات الوطنية التي يحتاجها الاقتصاد السوري بكل فئاته وتركيباته، ولا يجب على البنك رفع يده عن احتياجات السوق من مستوردات، فالذهاب باتجاه الدولار لا يتم للادخار، ولا لتلبية الاحتياجات من السلع الأجنبية، بل هو عامل نفسي، ويؤدي لإخراج كمية من العملة من السوق، فالمركزي يسعّر الدولار، ولكنه لا يبيع ولا يشتري، فمن الأفضل أن يمولها بدلاً من الصراف الذي يشكل باب ضغط عليه، فيجب على البنك المركزي بعيداً عن الأسلوب الأمني يجب وضع سياسات أكثر نجاعة، كترشيد الاستيراد والاستهلاك، أو تشجيع التصدير لخلق مصادر للعملة الصعبة، لكي تكفي لتلبية احتياجات الاستيراد، أو تقليل حجم المستوردات من خلال تهيئة البدائل، ومرونة الجهاز الإنتاجي، وعلى المصرف المركزي تشجيع سياسة المقايضة، ولنستفد من الاتفاقيات السابقة مع روسيا، أو اتفاقية النفط والغذاء مع العراق، أو مع رومانيا، ولنعقد اتفاقيات للتبادل السلعي مع الدول الأخرى، والعمل على إزالة كل العقبات أمام التصدير و تشجيع الجهاز الإنتاجي، وذلك بهدف تعزيز الثقة بالاقتصاد وبالليرة السورية، وكبح جماح التضخم».

 

90% من حركة العملة بالسوق السوداء

حصة السوق السوداء من إجمالي تبادل السلع في سورية ليس بالقليل، وهذا يعني أن أغلبية التبادل الحالي للعملة يتم دون ضوابط، وهذا ما دفع الخبير الاقتصادي أبو عمار لاعتبار أن «السوق السوداء قبل الأزمة كانت سوق ظل فقط، وحصتها لم تكن لتتعدى 1%، وهذا الهامش منطقي بسبب عملية المضاربة، ولكن حصة السوق السوداء من حركة العملة المتداولة في سورية تصل إلى 90 %»..

 

هامش مقبول

المتابع لسعر الصرف الرسمي يجد فرقاً في التسعير بين مصرف سورية المركزي والتجاري السوري، وهذا الفرق غير الكبير طبعاً، يدعنا لطرح التساؤل عن مبررات هذا الفرق؟! وعن مدى تأثيره على الاقتصاد الوطني؟! وعند هذه النقطة بين د. أبو عمار أن «البنوك المركزية تضع سعراً تأشيرياً، ويضع هامش حركة للبنوك التجارية، فالبنوك التجارية ترتبط بمراكز مع التجاري، وهذا الهامش لتحديد حاجتها إلى بيع كمية إضافية أو أقل من الدولار، وهو هامش مقبول، ولا يشكل ضغطاً على الاقتصاد»..

فالخلل حاصل ولا يمكن إنكاره، ولكن الحل يبقى بين يدي مصرف سورية المركزي، والذي يمتلك أدواتِ وأذرعاً قادرة على ضبط السوق السوداء، أو تحجيم فاعليتها، فالقضاء على تلك السوق للعملات ممكن، والخلل الذي نعيشه حالياً في سوق الصرف سببته سياسات البنك المركزي الماضية والحالية.!