(التوقيت المناسب).. لاستكمال (المهمات الدولية)..!
ترى الحكومة السورية اليوم، ومن خلفها أصحاب القرار السياسي- الاقتصادي الفعليين في سورية، أن الوقت قد حان لطرح مشروع استثماري جديد، ويبدو ذلك كتهيئة لعملية إعادة الإعمار التي ستتبع انتقال سورية من دوامة العنف إلى وضع أكثر استقراراً يسمح بإعادة الحياة إلى الاقتصاد السوري.
يبدو هذا التحضير إيجابياً من قبل الحكومة، ولكن كما يتوقع الجميع فإن "وراء الأكمة ما وراءها".. فلم تعودنا الحكومات المتتالية في سورية وتحديداً في سياساتها الاقتصادية أن تستبق أي أمر، أو أن تكون سريعة التفاعل مع أزمات ومهمات كبرى.. والتجربة القاسية لنتائج إدارة الأزمة اقتصادياً، وملاحظة حجم الإعاقة الكبير لأية محاولات لإدارتها بشكل فعال خلال السنوات الثلاث من عمر الحرب الدائرة اليوم خير دليل.. فما الذي يحصل الآن..!؟
تفاصيل مسودة مشروع قانون الاستثمار الجديد، توضح الأمر، فهي بالشكل والمضمون لم تتطلب بذل أي جهد أو تحضير مبالغ به..! فمسودة مشروع قانون الاستثمار هي من حيث الشكل نسخة تقريباً عن قانون الاستثمار رقم/8/ لعام 2007، والتعديلات هي "إضافات هامة" ولكن في السياق ذاته المستمر والمتصاعد منذ قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 وحتى اليوم.. والذي بدأ بمنطق أن عملية الاستثمار هي مسؤولية القطاع الخاص المحلي والأجنبي كما العام، وأن مهمة قوانين الاستثمار الرئيسية التي تسنها الدولة هي تشجيعه، وانتهى إلى اعتبار أن زيادة تدفق الاستثمار من الخارج من أبرز مهمات الدولة الاقتصادية! وعلى الحكومات بقوانينها أن تتحول إلى (جاذب للاسثتمارات) ومسوّق لسورية كفرصة استثمارية ثمينة ومصدر لأرباح المستثمرين..!! عن طريق (تهيئة المناخ الاستثماري) التعبير الحكومي المفضل منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، والذي يعني السير المتصاعد بسياسات اقتصاد السوق..
الحكومة تعلم جيداً أن الإعفاءات ليست صاحبة الفضل الرئيسي في جذب الاستثمارات سابقاً، وتعلم أن الاستثمارات الآن كما سابقاً لن تساهم بتحقيق نمو وتنمية فعليين، والغاية الفعلية من المغالاة في التساهل مع المستثمرين هي إعطاء إشارات قوية للمنظمات الدولية العالمية، بأن السياسة الاقتصادية والقائمين عليها لم يغيرو "المنهج السوقي" حتى بعد حرب وأزمة لثلاث سنوات متتالية.. وفي ذلك طمأنة للاستثمار العالمي الذي يتجهز للتدفق إلى سورية في مرحلة إعادة الإعمار، الذي يشجعه أن تقول له الحكومات: "بأن جهاز الدولة لن يقيدكم أو يضيركم في ربحكم بشيء، فتعالوا..!"