عقدين من الإعفاءات.. بلا طائل
ذكر عبد الله الدردري النائب الاقتصادي السابق في سورية في عهد الليبرالية واقتصاد السوق الاجتماعي، بمحاضرته في جمعية العلوم الاقتصادية السورية بتاريخ 3-2-2009، والتي كان يستعرض فيها نتائج الخطة الخمسية العاشرة قبل عام من انتهائها، أن "الاستثمار الخارجي هو الوسيلة الضرورية لحل العديد من مشاكل البطالة والفقر والتنمية.."، كذلك رئيس هيئة تخطيط الدولة السابق عامر لطفي في تقديمه للخطة الخمسية الحادية عشرة في المكان ذاته بعام 2011، أكد أن سورية تحتاج إلى نصف استثماراتها من الخارج لتستكمل حاجتها إلى 4000 مليار ل.س تنجز بها أهداف الخطة المتعلقة بالفقر والبطالة وزيادة التنافسية.."
لا يقتصر التسويق "لجذب الاستثمارات كمصدر النمو الوحيد" على شخصيات بعينها بل هو سمة مرحلة كاملة، انطلقت في منتصف الثمانينيات بعد انجلاء الأزمة حينها، فمنذ عام 1985 بدأت تحفيزات الاستثمار والقوانين المرتبطة به تظهر في سورية، فصدر قانون القطاع الزراعي المشترك، وتحفيز الاستثمار السياحي وغيرها، وتوجت بقانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991، الذي انطلق من تحفيز المغتربين السوريين والعرب للاستثمار في سورية، وأعفى الشركات من ضرائب الدخل وضرائب ريع العقارات والعرصات لمدة خمس سنوات، وأعطى المستثمر هامش واسع للتحرك بقطعه الأجنبي، وقدم ميزات تستثني الاستثمارات من أنظمة القطع الأجنبي في حينها، وتقييد وحصر المستوردات..
أي أن قانون الاستثمار رقم 10 اعتمد المنهجية ذاتها في الإعفاءات والميزات والاستثناءات، ولكنه لم يقطع أشواطاً بعيدة فيما يسمى "تهيئة مناخ الاستثمار"
2000 وما بعد.. "التهيئة"
"قدمت سورية خلال عامي 2000- 2005 فقط حوالي 1200 قانون مرسوم وقانون إداري في إطار ما سمي تهيئة البيئة التشريعية لتحفيز المستثمرين " بحسب مجمد جمال باروت في دراسته "العقد الأخير في تاريخ سورية-جدلية الجمود والإصلاح" الصادرة في عام 2012، أهم المراسيم والقرارات الصادرة في هذا المجال:
عام 2000: المرسوم رقم 7 لعام 2000 والمتضمن تعديلات على قانون الاستثمار رقم 10- لعام 1991: التوجه نحو تشجيع استثمار أموال العرب والسوريين المغتربين ورعايا الدول العربية والأجنبية في المشاريع الاستثمارية السورية والسماح بأن تخرج أرباحها وأصولها بكل حرية من سورية..
عام 2007: المرسوم التشريعي رقم /8/ الخاص بتشجيع الاستثمار، والمرسوم التشريعي رقم /9/ الخاص بإحداث هيئة الاستثمار السورية: (تضمن المرسوم الأول الضمانات حيث يحق للمسثتمر الأجنبي أن يمتلك الأرض والعقار وكافة الموجودات الثابتة، وأعفى مستوردات المشاريع من الآلات والمعدات والتجهيزات وسيارات العمل من أي رسوم جمركية، وأبقى 1% لمستوردات المواد الاولية، أعطى الحق للمستثمر أن يحول الأرباح والفوائد التي يحققها سنوياً بعد خصم الضريبة فقط، وأن يحولها بعملة قابلة للتحويل)، ومن الإجراءات التي دخلت في الإطار ذاته: إلغاء محاكم الأمن الاقتصادي، إلغاء المرسوم رقم 24 والمرسوم رقم 6 حول إدخال وإخراج النقد الأجنبي والمعادن الثمينة، يضاف إليها المرسوم 51 لعام 2006، بما تضمنه من تعديلات على ضريبة الدخل على الأرباح الحقيقية، والتي جعلت نسب الأرباح بالحد الأقصى 28%، وللشركات المساهمة المكتتبة بنسبة 50% من رأس مالها: 14% فقط، أما الشركات القابضة التي رخصت لاحقاً (وهي شركات استثمارية كبرى تعمل في مجالات مختلفة وتتجمع فيها رؤوس الأموال المختلفة وبلغ عددها في سورية بلغ عددها في سورية 10 شركات عام 2008 برأس مال 5,848 مليار دولار) فقد أعفيت من ضرائب الدخل على الأرباح الحقيقية بالكامل.
تهيئة المناخ..
تشير دراسة د. عبد الله الكفري رئيس هيئة الاستثمار السورية السابق، المقدمة في عام 2010 والصادرة عن جمعية العلوم الاقتصادية السورية، أن التزام سورية باقتصاد السوق الاجتماعي هو أهم محفزات الاسثتمار الخارجي في سورية، وهو محق حيث تشمل سياسات الإصلاح الاقتصادي الليبرالي المتسارعة بعد تبني اقتصاد السوق، كافة المتطلبات الدولية لـ "تهيئة مناخ الاستثمار".. وتشير جميع تقارير الاستثمار الصادرة عن هيئة الاستثمار السورية في عرضها لمناخ الاستثمار في سورية إلى جملة تغييرات البنية التشريعية، ثم تحرير السياسة النقدية والتحرير المالي، تحرير التجارة، والاندماج في الشراكات والمؤسسات الاقتصادية الدولية..