مواجهة (الحرف) مستمرة.. مع المستورد ثم الدمار.. و(التهجير الممنهج)!
تحتل عدة حرف سورية مراتب متقدمة دولياً، فحرف صياغة الذهب وصناعة الرخام والشرقيات والحلويات وغيرها تقع في المراتب الثلاث الأولى دولياً، وذلك بحسب تصريحات الاتحاد العام للحرفيين.. تراجع الحرف السورية يعود إلى ما قبل الأزمة الحالية، وهو نتيجة طبيعية لعدم قدرة الورش الصغرى أياً كان تاريخها وإمكانياتها ونوعية العمل الحرفي المتميز الذي تتمع به، على منافسة الإنتاج الكبير والرخيص المستورد من شركات كبرى تعود دول مختلفة فتحت لها السوق السورية خلال عقد الليبرالية، وفقدت الحرف جزءاً كبيراً من سوقها، ومن الدعم الحكومي لها..
الجديد في الأزمة هو التدهور الفعلي والمباشر للورش الحرفية الصغيرة سواء ما دمر منها مباشرة في المناطق المتوترة، وما خسر قدرته على العمل في ظل ارتفاعات الأسعار التي تجاوزت 200% ، وتضاعف بعضها أربع مرات أو أكثر..
تصريحات ومطالبات عديدة لاتحاد حرفيي دمشق والاتحاد العام، أشار بعضها إلى ظاهرة هجرة الحرفيين والتي رآها اتحاد حرفيي دمشق ممنهجة في بعض الحرف، ولبعض الدول.. قاسيون التقت رئيس الاتحاد العام للحرفيين حول هذا الموضوع ووضع الحرفيين عموماً..
(اتحاد دمشق) يؤكد.. و(العام) ينفي ضارب التصريحات حول هجرة الحرفيين
ونفى رئيس الاتحاد العام للحرفيين ياسين السيد حسن لجريدة (قاسيون) أن تكون أعداد كبيرة من الحرفيين السوريين هاجرت للخارج، مؤكداً أن الخوف على الحرف التراثية من الزوال لا علاقة له بموضوع الهجرة أبداً، وذلك رداً على تصريحات رئيس اتحاد حرفيي دمشق مروان دباس بأن الدول الأجنبية والعربية تعمل على استقطاب الحرفيين السوريين، وخاصة الحرف التي تحتل فيها سورية ترتيباً بين الدول الثلاث الأولى على مستوى العالم.
وكان رئيس اتحاد حرفيي دمشق مروان دباس أكد، حسبما نقلته عنه وسائل الإعلام المحلية، أن "العديد من حكومات الدول المجاورة وفعالياتها الاقتصادية تعمل جاهدة ومنذ فترة طويلة على استقطاب الحرفيين السوريين وتقديم مختلف التسهيلات والإجراءات أمامهم للانطلاق بأعمالهم في تلك الدول، وصولاً إلى قوننة أعمالهم فيها".
وبين دباس، أن "الأمر لا يقتصر على الدول العربية المجاورة وإنما يمتد لمختلف الدول الأوروبية الشهيرة بصناعاتها الحرفية كإيطاليا على سبيل المثال التي تُخضع حرفي الأحذية إلى الكثير من الاختبارات للحصول على ترخيصه وافتتاح ورشة تصنيع خاصة به".
وأضاف رئيس اتحاد حرفيي دمشق، إن "بعض الدول الأوربية تقوم حالياً بانتقاء النخبة من الحرفيين السوريين ناهيك عن الذين ذهبوا بأنفسهم إليها بعد أن بقي 90% منهم هنا دون عمل نتيجة الأوضاع الحالية التي نعيشها منذ فترة".
ولم ينف دباس أن استقطاب الحرفيين السوريين لم يكن خلال الأزمة الحالية فقط، وإنما منذ سنوات طويلة وخصوصاً في حرف صياغة الذهب وصناعة الرخام والشرقيات والحلويات والأطعمة وغيرها حتى أن لسورية ترتيباً بين المراتب الثلاث الأولى على مستوى العالم في تلك الحرف.
نسبة المهاجرين 1 بالألف
من جهته، قال رئيس الاتحاد العام للحرفيين ياسين السيد حسن إن "نسبة الحرفيين الذين سافروا خارج سورية لا يتعدى 1 بالألف،
وهجرة الحرفيين كانت من المناطق الساخنة كحمص وريف حلب وريف دمشق، إلى المناطق الآمنة مثل طرطوس وضاحية قدسيا بدمشق وغيرها"، لافتاً إلى أن "موضوع الهجرة لا يشكل خطراً على الحرف التراثية".
وبين السيد حسن إن "بعض الحرفيين يعودون لعملهم في المناطق الآمنة، فضلاً عن السعي لمنع استيراد المواد المصنعة المنافسة للمنتجات الحرفية، من موبيليا وألبسة وجلديات وغيرها، وتدارك القرارات والأخطاء السابقة، بهدف الحفاظ على استمرارية عمل المنشآت الحرفية".
وكشف السيد حسن عن "وجود فئة من الناس استغلوا تلك القرارات، وعملوا على الاستيراد من الدول الأوربية ووضعوا عليها لصاقات على أنها مصنعة بالدول العربية، للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة بينها، ما دفع بمئات الحرفيين لترك منشآتهم نتيجة وجود منافسة شديدة من المستورد".
ونوه إلى الصعوبات الناتجة عن الحصار والعقوبات الاقتصادية في تأمين المواد الأولية للحرفيين، حيث بات الاعتماد على المواد المحلية البديلة لتسيير العمل واستمراره.
بانتظار التدارك الحكومي..!
فيما يتعلق بطروحات تطوير عمل الحرفيين وتحسين أحوالهم، لفت السيد حسن إلى أن "الاتحاد بانتظار التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي الذي قضى بإعفاء المستوردات الداخلية في الصناعات من الرسوم الجمركية، بحيث يعمل الاتحاد على اختيار جملة من المواد الأولية الهامة والضرورية لبعض الحرف التراثية بداية، ثم الانتقال لبقية الحرف، بغية تأمين المواد الأولية لها، مع الاهتمام بالحرف المتعلقة بإعادة الإعمار ومستلزماتها مثل الموبيليا والتمديدات الصحية والكهربائية والرخام والبلاط وغيرها".
وحدد رئيس الاتحاد، وجود ألف منطقة حرفية مخطط لها، تم تنفيذ أربع مدن صناعية منها وحوالي 99 منطقة حرفية، مع التوجه نحو التوسع بإقامة مناطق حرفية جديدة للحرف كافة.
قرية تراثية وتسويق مباشر للمنتج الحرفي
وأردف السيد حسن أن "الاتحاد طرح موضوع إقامة القرية التراثية، التي تساعد على تشجيع السياحة، وتحافظ على الحرف التراثية المهددة بالانقراض من نحاسيات وأغباني وموزاييك ونسيج يدوي، وصناعة النواعير بحماه وصناعة الصابون بحلب، حيث تضم القرية سوقا ومركزا لتدريب الحرفيين، على أن يتم استغلالها سياحيا لوجود النوادي والمطاعم وكامل الخدمات فيها، فضلاً عن جعل سوقها بمثابة قنوات مباشرة لتصريف إنتاج الحرفيين، بحيث ينتفي الاستغلال الذي يمارسه التاجر والربح الكبير الذي يحصل عليه، فتكون المدن الحرفية توسيعا للبيت التجاري الموجود حاليا".
وبخصوص منح شهادة الحرفي، أوضح السيد حسن أن "الشخص عليه أن يتقن الحرفة عن طريق تعلمها إما من والده ويرثها (أباً عن جد) أو عند أحد الحرفيين، حيث يجب أن يملك منشأة حرفية مرخصة أصولاً، وتتأكد الجمعية الحرفية المختصة من إتقانه للحرفة من معاينة منشأته ومنتجاته".