الأسرة السورية تحتاج أكثر من 60 ألف لتسد فجوة مستوى المعيشة
تكثر تقديرات تضخم الاقتصاد السوري خلال الأزمة، وكان آخرها تقديرات لصندوق النقد العربي بأن التضخم السنوي لعام 2013 في سورية بلغ 51% عن عام 2012.. بينما التقديرات الحكومية والمصرف المركزي تحديداً حتى نهاية الربع الثالث من عام 2013 كانت أعلى من ذلك، حيث تشير تقارير البنك المركزي حول التضخم السنوي في شهر حزيران 2013 بأنه قد بلغ 92,13%..
وبحسب تعريف البنك المركزي في تقريره الشهري لهذا التضخم، فإنه يحتسب التضخم في شهر محدد بالفرق بين الرقم القياسي لأسعار المستهلك بين الشهر من العام المحدد والشهر ذاته من العام السابق له، أما الرقم القياسي فيحتسب بكلفة سلة استهلاكية مكونة من مجموعة مكونات، ويحسب هذا الرقم القياسي بناء على أساس أسعار سنة أساس هي 2005..
هذا الرقم من التضخم مقاس على أساس تقديرات الحكومة لأسعار هذه السلة من جهة، ومن جهة ثانية على أساس تثقيلات لأوزان المكونات الاستهلاكية من الإنفاق، حيث تؤثر هذه التثقيلات والأوزان على رقم التضخم النهائي المحسوب..
فإذا كان الرقم القياسي لأسعار المستهلك مع نهاية الربع الثالث أي في نهاية شهر حزيران 2010: 142 فإنه قد بلغ في حزيران 2013: 335 أي بلغ التضخم التراكمي بين قبل الأزمة وبعدها 135%..
هذه التقديرات التراكمية لا تحسب حكومياً ولا تعتبر طريقة قياس، وذلك لكبر الرقم، ولكن مع ذلك فإن هذا التقدير المتراكم الذي تتجنبه الحكومة هو غير دقيق، ومخفف إذا ما قيس واقعياً.. وعدم الدقة يعود إلى عدم تغيير أوزان مكونات السلة الاستهلاكية التي ترتفع أسعار بعض مكوناتها أكبر بكثير من الأرقام والنسب الموضوعة حكومياً، وبالتالي فإن الأرقام الناتجة تعتبر عكساً غير دقيق للواقع.. وكلفة إنفاق الأسرة على السلة الاستهلاكية الموضوعة هي أكبر بكثير من التقديرات الحكومية..
فلماذا لا تدقق الأرقام وتغير الأوزان.. الجواب بسيط: فالسلة التي تعبر عن كلفة الحد الأدنى من مستوى المعيشة تعبر عن الفجوة الحقيقية بين الحد الأدنى للأجور في سورية، وتكلفة المعيشة .. وهي فجوة كبيرة في سورية .. تسمح لنا بأن نسمي دخل السوريين المتوسط (خرجية) وليس دخلاً حقيقياً..!!
التضخم المتراكم بين عامي 2010- 2013 يبلغ 135%، فما الذي تعنيه هذه النسبة..؟
النسبة تعني أن الأسرة السورية التي كان وسطي إنفاقها على مكونات السلة الاستهلاكية بحسب الأرقام الحكومية قبل الأزمة 30 ألف ل.س، أصبحت في عام 2013 تحتاج إلى : 70500 ل.س شهرياً لتنفق على كامل مكونات السلة..
وهو بالمستوى الرسمي الحالي يعبر عن فجوة بين الحد الأدنى لمستوى الأجور( 13700ل.س)، وبين كلفة السلة الاستهلاكية (70500 ل.س) تبلغ: 56800 ل.س
لكن هل هذا الرقم دقيق.. من الممكن إجراء مقارنة واقعية لأجزاء من مكونات السلة بناء على أسعار السوق، وبالتالي اقتراح تعديلات في الأوزان تغير من طريقة حساب السلة وبالتالي رقم التضخم باتجاه جعله أكثر واقعية..
مكونات السلة الاستهلاكية هي: المواد الغذائية والمشروبات– السكن والوقود والإضاءة- الملابس والأحذية- الصحة- التجهيزات المنزلية- الاتصالات- النقل- سلع وخدمات أخرى- مطاعم وفنادق- التبغ والمشروبات الكحولية- الترويج والثقافة- التعليم – ثقافة غير مربحة..
مكون السكن..
المكون الثاني في سلة الاستهلاك هو مكون مركب من العديد من الأساسيات، أولها السكن او الإيجار والذي تقدر الإحصائيات الحكومية أنه يشكل 15% من سلة الاستهلاك. أي يفترض أن تبلغ تكلفة الإيجار: 10570 ل.س فقط، من التقدير الحكومي لإنفاق الأسرة على مكونات السلة في عام 2013 وهو حوالي 70 ألف ل.س.. فهل هذه النسبة دقيقة..!!
وسطي الإيجار لشقة مفروشة في مناطق السكن العشوائي عام 2010، كان يبلغ 11 ألف ل.س وذلك لمنزل من غرفتين وصالون، بينما يبلغ اليوم 25 ألف ل.س، غرف الإيجار للطلاب في منطقة باب توما: ارتفعت من وسطي 5000 ل.س إلى وسطي 15000 ألف ل.س. وفق المثالين فإن التضخم في تكلفة السكن فقط تتراوح بين 127%- 200% بين 2010- 2013.
163% وسطي تضخم مكون السكن بين 2010-2013.
35% تقدير الوزن في سلة الاستهلاك،عوضاً عن 15%.
النقل من 3% إلى أكثر من 6%
يشكل مكون النقل في السلة الحكومية نسبة 3%، أي أن تكاليف النقل لأسرة من خمسة أشخاص في عام 2010 كانت تقدر بناء على استهلاك 30 ألف ل.س حوالي 900 ل.س فقط. الكلفة المذكورة السابق بحاجة إلى تدقيق بتاريخ 2010، وبالتالي في عام 2013 أيضاً، فقد ارتفعت أجور النقل بالمتوسط من 10 ل.س لخط السير الواحد في عام 2010، إلى 25 ل.س أي بنسبة 150%..
بينما التكاليف الحقيقية تبتعد عن ذلك بكثير، فإذا ما افترضنا أن الأسرة المكونة من 5 أشخاص يتحرك يومياً 3 منهم فقط وبتكلفة مواصلات 20 ل.س يومياً للفرد، وبالتالي 1800 ل.س شهرياً بالحد الأدنى وهي نسبة 6% من إنفاق الأسرة هذا قبل الأزمة، بينما ارتفعت هذه التكلفة في عام 2013 وفق الحسبة ذاتها إلى 4500 ل.س وهي نسبة 6,4% من متوسط الإنفاق وهو 70 ألف ل.س..
150% تضخم كلف النقل بين 2010-2013
6,4% تقدير الوزن في سلة الاستهلاك، عوضاً عن 3%
التعليم.. التضخم الاكبر
تبلغ حصة التعليم من السلة الحكومية نسبة 1% من إنفاق الأسرة كل شهر، أي مبلغ 300 ل.س شهرياً، وبفرض بقائها بالوزن ذاته بعد التضخم بتقديره الحكومي فيفترض أن تكون نفقة التعليم الشهرية للأسرة تبلغ شهرياً: 700 ل.س في عام 2010. بينما وفق حسابات لتكلفة تجهيز أسرة لديها ثلاثة طلاب في المراحل المدرسية المختلفة بلغ بأسعار الحد الأدنى 13 ألف ل.س، وبأسعار الحد الأعلى 31 ألف ل.س. وبالتالي فإن توزيعه على الأشهر يبلغ بالحد الأدنى 1083 ل.س، وبالحد الأعلى 2580 ل.س وهو يشكل نسبة 3,6% من الإنفاق بالحد الأدنى، ونسبة 8,6% بالحد الأعلى..
وكلا التقديرين مجتزأن نتيجة عدم احتساب تكلفة التعليم الجامعي، حيث تشكل تكلفة شراء الكتب والمحاضرات جزءاً من تكاليفها فقط، وتقدر بالحد الوسطي لطالب جامعي لديه 12 مادة : حوالي 10 ألف ل.س خلال السنة، تصل إلى 12 ألف مع تكلفة قرطاسية، لتصل تكلفة طالب التعليم العالي الواحد في الأسرة 1000 ل.س شهرياً بالحد الأدنى، لأغراض الدراسة فقط، بينما ارتفعت رسوم التسجيل السنوية بنسبة 100% من 700 ل.س في كلية الآداب مثلاً إلى 1400 ل.س، أما طلاب التعليم المفتوح فبلغت نسبة الارتفاع 66% عن رسوم السنوات السابقة، ويمكن بناء على التباين الكبير أن نعطي الوسطي التالي:
250% تضخم تكاليف التعليم بين 2010-2013
4% تقدير الوزن في سلة الاستهلاك، عوضاً عن 1%.
الذهب أحد المعايير
تعتبر تغيرات سعر الذهب أحد المعايير النقدية التي كانت تستخدم تاريخياً لقياس معدلات التضخم، وبناء على تغيرات سعر الغرام من الذهب عيار 21 بين عامي 2010 – 2013 فإن التضخم المتراكم قد بلغ نسبة: 270%..
من متوسط سعر الغرام في عام 2010: 1610 ل.س، إلى متوسط سعر الغرام في عام 2013: 5973 ل.س
270% تضخم أسعار الذهب بين 2010-2013
متوسط التضخم التراكمي الفعلي بين: 2010-2013 كلفة إنفاق الأسرة الفعلي شهرياً لتغطية السلة الاستهلاكية 2013 متوسط التضخم التراكمي الرسمي بين: 2010-2013 كلفة إنفاق الأسرة الرسمي شهرياً لتغطية السلة الاستهلاكية 2013
208% 92400 ل.س 135% 70500 ل.س
الفجوة الفعلية 62400 ل.س الفجوة الرسمية 56800 ل.س
متوسط التضخم التراكمي الفعلي بين: 2010-2013 كلفة إنفاق الأسرة الفعلي شهرياً لتغطية السلة الاستهلاكية 2013 متوسط التضخم التراكمي الرسمي بين: 2010-2013 كلفة إنفاق الأسرة الرسمي شهرياً لتغطية السلة الاستهلاكية 2013
208% 92400 ل.س 135% 70500 ل.س
الفجوة الفعلية 62400 ل.س الفجوة الرسمية 56800 ل.س
• التضخم الفعلي احتسب بمتوسط للمكونات السابقة مع تضخم الذهب والذي بلغ : 208%، وهو أقرب إلى تقدير التضخم المباشر الذي يعبر عنه تراجع قيمة الليرة السورية، الذي يصل اليوم إلى 200% بارتفاع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار من 50ل.س/$- 150ل.س/$
• يقصد بالفجوة: الفجوة بين الحد الأدنى للأجور في سورية (13700 ل.س)، وبين الحد الأدنى لمستوى المعيشة المعادل لتكلفة إنفاق أسرة على حاجات السلة الاستهلاكية، والمقدر بالتضخم الفعلي، وبالتضخم الرسمي..