مؤسسات التدخل الإيجابي .. خارج دورها الرئيسي

مؤسسات التدخل الإيجابي .. خارج دورها الرئيسي

تسلم حالياً الأقطان بأدنى مستوياتها إلى مراكز الاستلام وتبدأ شركات الصناعات النسيجية العامة دورتها الإنتاجية الجديدة حيث أن عددها البالغ 12 معملاً تراجع حيث توقفت معاملها في حلب ودير الزور وتستمر في ريف دمشق

ولكن هذه المعامل تبدأ الدورة الإنتاجية مثقلة بالديون المتراكمة وبنقص السيولة التي تعود لأسباب متعددة، أهمها العلاقة مع مؤسسة توزيع منتجاتها "سندس" التي من المفترض أن تشكل وسيلة دعمها بينما الكثير من الخلافات والإشكالات تحول دون ذلك.. فمؤسسة سندس التابعة لوزارة التجارة الداخلية استطاعت عن طريق التعاقد مع المستثمرين أو التعاقد مع موردي القطاع الخاص أي التجار كعادة مؤسسات التدخل الإيجابي كافة أن تطور من معروضاتها وعمليات بيعها، وهو أمر إيجابي بالنسبة للمستهلك إلا ان التعامل مع التجار يجعل أسعارها قريبة من أسعار السوق من جهة، ويفقد المؤسسات المذكورة دورها الضروري حالياً، وهو التوزيع لمصلحة القطاع العام المنتج الذي تبين أنه الأكثر قدرة على الاستمرار بالإنتاج في أسوأ الظروف..فسندس تبيع المواد الغذائية الخاصة والمستوردة من التجار والصناعيين السوريين الذين يعملون اليوم في الخارج إلى جانب منتجات الصناعات النسيجية بأدنى مستوى من العرض، بينما تتراكم ديونها على المعامل التي لن تشكل الحكومة لجاناً لتزويدها بالسيولة.. على الرغم من كثرة اللجان المعقودة هنا وهناك..

(سندس) مدينة للصناعات النسيجية.. وتجدد صالاتها

مخالفة مرسوم إحداثها الأساسي ومتخلّية عن مهمتها بتجارة المنتجات النسيجية، وبوقت قصير نسبياً لمؤسسة تعاني الديون وضعف الإمكانيات، حولت المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية "سندس" صالات ومنافذ البيع التابعة لها إلى ما يشبه "المول" معتمدة فيه على بيع السلع الاستهلاكية والغذائية بشكل رئيسي عوضاً عن بيع المنتجات النسيجية..

باتت "سندس" بإدارتها الجديدة أقرب إلى المؤسسة العامة الاستهلاكية بما تعرضه في صالاتها، لتبتعد عن الغاية الأساسية من إحداثها، مخلفةً وراءها ملايين الليرات من الديون المتراكمة على مؤسسات النسيجية، وما يتبعه من أضرار على تلك المؤسسات جراء هذه الديون والتشابكات المالية الضخمة.
وتم إحداث المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية "سندس" بموجب المرسوم التنظيمي رقم /361/ لعام 1974، وتم إلحاقها بوزارة التموين ومن ثم وزارة الاقتصاد ومن بعدها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، على أن تكون مهامها الأساسية تجارة الجملة والمفرق للمنتجات النسيجية داخل القطر

صالات استهلاكية لـ"سندس"!

وبهدف الوقوف على حقيقة المهمة الجديدة التي اضطلعت بها "سندس" ووضع الصالات، بينت زيارة (قاسيون) الميدانية لإحداها حجم الإنفاق الكبير عليها لتجهيزها وتحويلها إلى صالات حديثة من ناحية الشكل ونظم الدفع المتبعة فيها.
وخصصت المؤسسة الجزء الأكبر من صالاتها بنسبة تصل إلى 60% لعرض وبيع المنتجات والسلع الغذائية، لتتجزأ المساحة المتبقية بين قسم للسجاد والموكيت، وقسم متواضع جداً لعرض المنتجات القطنية والحرامات (الصينية) والبشاكير، دون وجود أي قسم لعرض الألبسة الجاهزة المنتجة في شركات القطاع العام النسيجية !..
وتشهد هذه الصالات إقبالاً جيداً من المواطنين، كونها مصممة على النمط الحديث وملبية لتعدد الاحتياجات ووجود فارق في السعر مقارنة بالسوق بالنسبة لبعض المواد والسلع، لكن اللافت أن تحمل رفوف جميع السلع المعروضة حتى الغذائية منها لصاقة كتب عليها "المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية"، في حين ينسى المواطن ذلك كلياً مع قلة المنتجات النسيجية المعروضة أمامه أو على الأقل عدم تخصيصها بالقسم الأمامي من الصالة لإبرازها.
تداخلات مالية متراكمة تهدد بتوقف الشركات
وبنظرة عامة على عدد صالات "سندس" المجددة والمفتتحة مؤخراً وبالمقارنة مع حجم الديون المتراكم عليها تتبادر إلى الذهن تساؤلات معلقة حول سبب إغفال هذه الديون حتى في التصريحات الصادرة عن إدارة "سندس"، ويتوضح سبب إثارة موضوع تلك الديون من الشركات والمؤسسات الدائنة بالعلن وفي وسائل الإعلام مؤخراً..
ففي بداية العام الحالي، بينت الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد بحماة أنها تعاني من نقص في السيولة المالية بسبب عدم التزام المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية (سندس) بدفع الديون المترتبة عليها لمصلحة الشركة التي تبلغ حوالي 663 مليون ليرة.
في الوقت الذي أكدت فيه عدة شركات نسيجية ضرورة حل فروقات \التشابكات المالية بين "مؤسسة سندس" والجهات العامة.
والجدول المرفق يبين ديون معامل الصناعات النسيجية المختلفة على مؤسسة سندس.
وذلك وفق كتاب "الاتحاد العام لنقابات العمال" إلى "وزارة التجارة الداخلية"، الذي يطالبها فيه بتسديد الديون المترتبة عليها حتى تستطيع تسديد رواتب عمالها وتطوير العملية الإنتاجية وتأمين مستلزمات الإنتاج نظراً لضعف السيولة.
ومن جانبه، اعتبر رئيس الاتحاد المهني لعمال الغزل والنسيج عمر الحلو أن "بيع (سندس) منتجات الشركات مهم جداً، ولكن في المقابل التسديد المباشر حتى تستطيع هذه الشركات تطوير حاجاتها وإنتاجها واستبدال آلاتها القديمة، علماً بأنه تمت مطالبة سندس بالديون إلا أنها لم تستطع التسديد نتيجة ضعف السيولة لديها أيضاً".
وأشار الحلو إلى أن "شركة أصواف حماة مهددة بالتوقف نظراً لعجزها عن تأمين مادة الصوف"، مقترحا "ضرورة ضم سندس إلى المؤسسة العامة للصناعات النسيجية كمنافذ بيع مباشر لهذه الشركات ولاسيما أن سندس كانت تتبع سابقاً للمؤسسة النسيجية".
يشار إلى أن إجمالي مبلغ خطة المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية "سندس" الاستثمارية بلغ 24 مليون ليرة للعام القادم 2014، خصص 12 مليوناً لتأهيل الصالات وتجهيزها و10 ملايين من أجل شراء سيارات جديدة.

حل القضية عبر "لجنة"

وطلب وزير الصناعة السابق الدكتور عدنان السخني من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضرورة تسمية ممثليها في اللجنة الخاصة التي سيتم تشكيلها بين الوزارتين، وذلك بقصد حل مشكلة التشابكات المالية بين المؤسسة العامة للصناعات النسيجية والمؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية /سندس/ ووضع الآلية اللازمة لتمكين مؤسسة /سندس/ من تعديل مرسوم إحداثها وبما يساعدها على تطوير آلية تسويقها للمنتجات العائدة للشركات الصناعية ولا سيما النسيجية منها.
وحول اللجنة المشكلة مع وزارة الصناعة لحل الديون المتراكمة على المؤسسة، صرح مدير عام سندس عمار محمد أن "اللجنة عقدت اجتماعاً مع مدير المؤسسة العامة للصناعة النسيجية لمعالجة الدين المتراكم المقدر بين 60 - 70 مليوناً، وقريباً ستعقد اللجنة اجتماعاً آخر للتوصل إلى اتفاق حول هذه القضية، علماً أن وزارة الصناعة أبدت تعاوناً وتفهماً في ظل هذه الظروف، لكن عموماً سيجري معالجة هذه المسألة المستمرة منذ سنوات طويلة في أقرب وقت، مع العلم بأن مؤسسة سندس تتعامل مع باقي شركات القطاع العام، الذي له الأولوية في عرض منتجاته في صالات ومنافذ البيع".
ووفق الأرقام المعلنة على لسان مديرعام مؤسسة "سندس" الأسبق، سهيل سمور، فإن حجم مديونية المؤسسة يقارب ملياري ليرة سورية، إذ تقدر الديون المستحقة عليها بنحو 1,2 مليار ليرة حالياً لمصلحة القطاعين العام والخاص، محسوبة بلا فوائدها، كما أن لها ديوناً مستحقة على القطاعين تقدر بنحو 650 مليون ليرة.
وتتبع مؤسسة "سندس" صيغ عمل تشاركية مع القطاع الخاص (موردين)، حيث يبلغ عدد الموردين المتعاملين معها 39 مورداً.