«أليكسا» تزيد أزمات السوريين تعقيداً.. و«الاستنفار» الحكومي «طلع فافوش»

«أليكسا» تزيد أزمات السوريين تعقيداً.. و«الاستنفار» الحكومي «طلع فافوش»

لم ينقص حكومة الحلقي التأهب، فهي من أعلنت الاستنفار بانتظار العاصفة «أليكسا» قبيل وصولها، إلا أن حديثها عن التأهب ذهب أدراج الرياح، ليغرق السوريون بمصائب عاصفة زادت مآسيهم، وعقدت أزماتهم القائمة، وقطعت شرايين الحياة في محافظاتهم ومناطقهم، وأغرقت بيوتهم بالظلام والبرد القارس، ليدخل غالبية السوريين في حالة من التجمد المؤقت بانتظار رحيل العاصفة «أليكسا»..

استنفر رئيس الحكومة وائل الحلقي على العاصفة الثلجية القادمة من البلدان الصديقة، معلناً قبيل وصولها بـ 48 ساعة جهوزية جميع الوزارات والجهات العامة لتأمين الخدمات والمستلزمات المعيشية لكل المواطنين على مدار الساعة، متحدثاً عن استنفار القطاعات كافة لمواجهة تداعيات العاصفة الثلجية المتوقعة، مشيراً إلى الجهود المبذولة من الجهات الحكومية واللجان المنبثقة عن مجلس الوزراء، بهدف تأمين مستلزمات الشعب السوري.
استنفار تفاءل به الكثيرون، إلا أن فرحتهم لم تكتمل، فما إن حطت العاصفة الثلجية رحالها على أراضينا حتى بدأت قطاعاتنا بالانهيار أمام «أليكسا»، فالكهرباء غابت عن بيوت السوريين في أغلب المحافظات «الآمنة» منها و«غير الآمنة»، وتذرّع البعض بحجج المسلحين واعتداءاتهم ما كانت لتؤدي سوى لانقطاع التيار الكهربائي عن محافظتين أو ثلاث لساعات ليس أكثر، لا أن تغرق البلاد بالظلام على امتداد الأيام الأربعة التي تأثرت بها البلاد بالعاصفة الثلجية، ليعود التيار الكهربائي تدريجياً إلى المحافظات بعد انجلاء العاصفة..

الانقطاع عام

التيار الكهربائي أتى لمدة لا تتجاوز الـ 20 دقيقة بعد يومين من الانقطاع في بعض الأحياء «الآمنة» بمدينة حلب، والكثير من بلدات الريف الحمصي «الآمنة» قطعت لمدة ثلاثة أيام متواصلة، والانقطاع لـ 18 ساعة متواصلة خلال 24 ساعة كان من نصيب العدد الاكبر من مناطق دمشق وريفها، كما أن محافظتي طرطوس واللاذقية غرقت هي الأخرى لعشر ساعات متواصلة من الظلام، وارتفعت فيها ساعات الانقطاع إلى ما يزيد عن 12 ساعة يومياً في أحسن الأحوال خلال أيام العاصفة، كما حظيت مناطق غير قليلة في محافظات سورية عديدة بنصف ساعة من الكهرباء على مدار الـ 24 ساعة، فهل كان هذا الانقطاع العام في أغلب المحافظات بمحض المصادفة؟! أم أن الاستنفار الحكومي اقتضى قطعها حفاظاً على سلامة المواطنين؟! «خوفاً» من انقطاع بعض الأسلاك الكهربائية مع الثلوج المتساقطة!!..

«آخر الدواء الكي»

غياب الكهرباء عن بيوت السوريين في أيام العاصفة «أليكسا» ليس بالتفصيل الثانوي كما يدعي بعض المدافعين عن الأداء الحكومي السيئ، لأنها كانت الملاذ الوحيد أمام مئات الآلاف من الاسر للوصول إلى الدفء بأدنى درجاته، وهذا ليس خيارهم، بل إن سياسات الحكومة – عبر رفع أسعار المازوت والغاز- هي من أجبرتهم على مثل هذا الخيار، فلا بديل أمامهم سواه، وهذا ليس بالادعاء، بل إن امتناع آلاف المواطنين عن استلام مادة المازوت لعدم تمكنهم من دفع سعرها، كما أعلن نقيب عمال النفط بدمشق علي مرعي، هو من تنبأ بذلك، ونسبتهم تجاوزت الـ 10% في مدينة دمشق وحدها، إن لم نقل إن الجزء الأكبر امتنع عن التسجيل من الأساس، لمعرفته بعدم القدرة على شراء 400 ليتر من المازوت، وتصل قيمتها إلى 25 ألف ل.س، والتي تزيد عن متوسط الدخل الشهري وفق بعض الإحصاءات غير الرسمية، ألا تعني هذه المقدمات أن الكهرباء هي الخيار الوحيد المتبقي أمامهم؟! ألا يعني قطعها بهذا الشكل المجحف - وعن قصد حسب ما نتوقع - حرمانهم من آخر وسائل التدفئة المتاحة في أيام العاصفة «أليكسا»؟!

جردة حساب

دون سابق إنذار، أو مقدمات وأعذار، تجمدت المياه في وجه طالبيها ومحتاجيها، وغابت الكهرباء عن بيوت السوريين بغالبيتهم الساحقة، وقطعت الاتصالات والانترنت جزئياً عن محافظات بالجملة، ليحرم كثير منهم من أدنى مقومات الحياة الضرورية في تلك الأيام العاصفة، ودون أن يكون للحكومة أدنى الأدوار في التخفيف من آثارها، ولهذا نسأل، أليس استفحال هذه الأزمات من تداعيات العاصفة الثلجية التي استنفرت الحكومة لمنع حدوثها؟! ولما لم نسمع عن حراك حكومي مضاعف لمواجهة مشكلات كهذه؟! والتي فضلت الحديث الإعلامي وترك المواطن لمواجهة مصيره منفرداً؟! ألم يكن من الأجدى بالحكومة عدم الحديث عن استنفار لم يرَ منه السوريون شيئاً فعلياً؟! على أرضية التجاهل المطلق لحدوث العاصفة أساساً كما درجت العادة، لتترك هامشاً أوسع للمدافعين عن سوء أدائها، وعلى مبدأ «إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم»!..