أسعار المواد الملتهبة في السوق المحلية تبرّد عند نية التصدير

أسعار المواد الملتهبة في السوق المحلية تبرّد عند نية التصدير

ارتفعت أسعار الخضار خلال الأسبوع المنصرم بشكل كبير ولم يجد أحد نفسه مضطراً للبحث عن المسببات في ظل فوضى السوق التي أصبحت معتادة خلال الأزمة، حيث إن صعوبة وصول المواد وهامش الاحتكار غير القابل للضبط بالوسائل العادية للبيروقراطية الحكومية وعدم جاهزية جهاز الدولة جدياً لتأمين البدائل

كلها أصبحت المسببات المعتادة بالنسبة لارتفاع أسعار المواد المنتجة محلياً، إلا أن المفارقة أن نشرة لتسعير الصادرات وهي الأولى من نوعها قد أصدرت وبينت قائمة كبيرة من المواد المصدرة وحددت أسعارها لتكون المفاجأة بأن أسعار التصدير المسعرة حكوميا أقل من أسعار السوق المحلية..

بشكل معاكس لما يشكو منه المواطنون وخاصة عند صدور النشرات التأشيرية ونشرات التسعير في كل محافظة، بأنها أغلى من أسعار السوق بفارق لا بأس به، أظهرت نشرات التصدير أسعاراً مخفضة، فعند النظر إلى نشرة أسعار الصادرات ونشرة الصادرات الموحدة التي وضعتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لعام 2013، يلاحظ أن المواد الغذائية التي يشكو المواطن ارتفاع سعرها بحجة انخفاض العرض في السوق المحلية، مسعرة بأرخص عما هو عليه السوق بنسبة كبيرة، إلا أن هذه الأسعار مخصصة للتصدير والأسواق الخارجية، رغم المعاناة التي يعشيها المواطنون في سورية بالنسبة لارتفاع الأسعار اليومي وغير المضبوط.
ومن جهة ثانية، تُناقض الأسعار الموضوعة بالنشرة المفاهيم المتعارف عليها، بان تكون الأسعار المعتمدة عند تصدير أي مادة مرتفعة أكثر من السوق المحلي، عدا عن الحاجة الماسة لاستغلال الصادرات بشكل كبير هذه الفترة لزيادة نسبة واردات خزينة الدولة، وخلافاً لذلك، حددت نشرات الصادرات أسعار موادها أقل من أسعار السوق المحلية لدرجة وصلت إلى النصف في بعض المواد التي تعتبر أساسية ويشكل ارتفاع سعرها هاجساً يومياً للمواطن السوري كالبرغل والحمص والخضار بأنواعها.
القرار وتفاصيل من النشرة
واستناداً لقرار لجنة التصدير رقم  /402/ تاريخ 23/8/2001 الذي اطلعت عليه صحيفة «قاسيون»، والمتضمن تشكيل لجنة تحديد أسعار الصادرات من الخضار والفواكه، وفي ضوء الاجتماع الذي عقد في مديرية الأسعار بتاريخ 19/8/ 2013 فقد تم تعديل الأسعار التصديرية للخضار والفواكه للكغ الواحد في النشرة رقم /12/ ، كما أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نشرة الصادرات الموحدة بتاريخ 8/7/2013.
وحسب الموضح في النشرات التي اطلعت عليها «قاسيون»، يتم تحديد أسعار التصدير المحددة لهذه المواد ضمن اجتماع لجنة التصدير التي تقوم بدراسة واقع أسعار هذه المواد الفعلية في الأسواق المحلية، بحيث تقوم بتحديد أسعار بما يحقق التوازن ما بين السوق المحلية والسوق الخارجية، وضمان توفير وانسياب المواد في السوق المحلية، إضافة لتشجيع الدولة بعملية التصدير للخارج مع احتساب سعر صرف القطع لها على أساس التعليمات الصادرة من مصرف سورية المركزي.
وفي حال عدم ورود أسعار لبعض المواد في النشرة تعتمد الأسعار التصديرية الواردة في فواتير المصدرين وتصديقها من غرفة الصناعة والتجارة وعلى مسؤولية المصدرين، على أن تكون الفواتير متطابقة مع عقود التصدير المحفوظة لدى غرفة التجارة والصناعة، التي يجب أن تقدم نسخة منها للمصرف المركزي.
مع ملاحظة أن الأسعار الواردة بالنشرة هي قرب تسليم أرض المصنع أو مركز التوضيب مع التأكيد على نقاط أساسية هي، أن أسعار الصادرات للمواد الطازجة أو غير الطازجة تحدد وفق واقعها الفعلي في السوق المحلية لتحقيق التوازن ما بين السوق المحلية والسوق الخارجية وضمن لجنة تضم الجهات المعنية كافة، وفي حال مخالفة المصدر لما ورد أعلاه تتخذ بحقه الإجراءات القانونية أصولاً ومن الطبيعي أن تأتي أسعار التصدير أقل من السوق المحلية خاصة أن الجهات المصدرة تعتمد أسعار الجملة، إلا أن مقارنة أسعار الجملة في نشرات محلية أخرى صادرة عن الوزارة تشير إلى فروق لمصلحة تجار الجملة والتجزئة في السوق المحلية.
الجملة المحلية أعلى من جملة التصدير
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية أصدرت في شهر آب الماضي قراراً بمنع تصدير الخضار الطازجة والمبردة حتى منتصف أيلول الحالي، وذلك بهدف توفير المواد في السوق وخفض أسعارها بعد أن شهدت ارتفاعاً جنونياً.
إلا أن التناقض في الممارسات والقرارات الحكومية لم يغب عن هذه النشرات، خصوصاً عند مقارنتها بنشرة الأسعار الصادرة عن مديرية تجارة دمشق، وهي بمثابة نشرة تأشيرية مكانية يؤخذ فيها بعين الاعتبار التكاليف والأعباء العامة عند تسعير أي مادة، عند التوقف عند بعض السلع الهامة والتي تم تسليط الضوء على شطط أسعارها بكثرة مؤخراً، يتوضح الفرق المقصود..
فمادة الخيار في نشرة مديرية تجارة دمشق مسعرة للجملة  بـ 90 ل.س، أما في نشرة الصادرات فالحد الأعلى موضوع 60 ل.س، ومثال آخر ففي نشرة دمشق مسعرة بـ87,5 ل.س للجملة، بينما في نشرة الصادرات فمسعر بـ60 ل.س، كما سعرت نشرة دمشق الباذنجان بـ70 ل.س للجملة، وفي نشرة الصادرات بـ50 ل.س، وكذلك البطاطا هناك فرق يصل إلى 20 ل.س بين السعر الموضوع في نشرة دمشق (90 ل.س) والمحدد في نشرة الصادرات (75 ل.س)، وغيرها عديد من المواد التي تدل إما التكاليف تتغير بين يوم وآخر، وإما أن التكاليف أساساً ليست مأخوذة حقيقة في وضع الأسعار وخاصة الداخلية..
والمقارنة أعلاه، تمت على أساس أسعار الجملة، وفي حال تمت المقارنة مع سعر مديرية تجارة دمشق الداخلية وحماية المسهلك عند البيع للمستهلك مباشرة مع نشرة الصادرات الغذائية، يكون الفارق أكبر بكثير، ما يعني أن هناك اسغلالاً من التجار بنسبة كبيرة ودون رقابة ومتابعة صارمة ضمن هذا الهامش الفضفاض من فارق الاسعار.

أكثر من 130 مادة.. وعوائد القطع قد تبقى في الخارج

حوالي  74 مادة غذائية، 31 مادة نسيجية، 25 مادة أخرى هي المواد المصدرة والمسعرة بنشرة الصادرات الحكومية، بأسعار تنخفض عن أسعار السوق المحلية بحدود تصل إلى 100% وأكثر في بعض المواد كالحبوب تحديداً فالبرغل بـ 35 ل.س، الحمص حب 60 زيت الزيتون 150 ل.س وهذه الأرقام التحفيزية ليصدر المصدرين، تعطي دلائل على أسعار شراء التجار من المزارعين التي تنخفض عن هذا الحد بالتأكيد، لتضيف إثباتاً جديداً على الحجم المتضخم لتجار الجملة والتجزئة في السوق المحلية..
يضاف إلى ذلك أن هذا التحفيز التصديري بتخفيف كلف التصدير ووضع حد أدنى منخفض يتناقض مع الاتجاه نحو الحد من الصادرات والغذائية منها تحديداً في ظل حاجة السوق المحلية، وخاصة أن الاستفادة من القطع الأجنبي الذي يحققه التصدير ليست تامة لأن إعادة العمل بتعديل إعادة القطع لم يصبح مطبقاً بعد، على الرغم من تصريحات حكومية بإعادة العمل به، ولكن لم يصدر قرار رسمي بذلك ويستمر بالتالي ما بدأ منذ عام 2000 حين أصبحت نسبة 90% من عائدات قطع التصدير تعود للمصدرين بعد أن كانت في عام 1988 تلزم المصدرين ببيع كامل القطع الناتج عن التصدير إلى الدولة، وفي عام 1990 أصبح المصدرون يحصلون على نسبة 50%..