التجار لهم السوق ومعهم القانون

التجار لهم السوق ومعهم القانون

بعد أن أعلن عن تحرير التجارة الداخلية بالكامل، وأزيلت القيود الكمية وجزء هام من الجمركية عن كافة السلع المستوردة، أتت عملية تهيئة السياسة الاقتصادية لتمد الاحتكار التجاري، لتتحول عملية ضبط الاحتكار إلى هيئة تعمل وفق قانون عام هو قانون المنافسة ومنع الاحتكار وتعديلاته الصادر بتاريخ 3-4-2008.

وفق القانون السوري فإن التاجر لا يسمح له بامتلاك ما يزيد عن 30% من السوق السورية، لتتحول هيئة من 13 عضواً وهي هيئة المنافسة ومنع الاحتكارإلى الهيئة القانونية المسؤولة عن مراقبة عمليات «التركيز الاقتصادي» في السوق السورية، الهيئة التي أكدت خلال الأزمة عدة مرات وعلى لسان مديرها عدم وجود لحالات احتكار في الأسواق، وأن ما يحدث هو حالة مؤقتة، وذلك  في جولات وتصاريح الهيئة التي كانت تركز دائماً على ضرورة توفر المواد مع تقديم الشكر للتجار لتأمينها. وبعيداً عن أداء الهيئة بحد ذاتها فإن القانون نص على حرية السوق في تسعير المواد كافة «وفق المنافسة الحرة» ليستثني بشكل واضح « أسعار المواد والخدمات المتعلقة بالقطاعات أو المناطق التي تكون فيها المنافسة بوساطة الأسعار محدودة إما بسبب حالة احتكار للسوق أو صعوبات متواصلة في عملية التزويد أو بسبب أحكام تشريعية أو تنظيمية وتنظم بقرار من رئاسة مجلس الوزراء.»
كما شرع القانون رسمياً عملية التركيز الاقتصادي حيث من الممكن للمؤسسة التي تركز فيها أكثر من 30% من معاملات السوق في مجال محدد أن تحصل على موافقة خطية من مجلس الوزراء، أو المجلس العام لهيئة المنافسة، على أن يقدم بيانات توضح أن عملية التركز لا تضر بالتنمية الاقتصادية أو بعمليات المنافسة في السوق.
العقوبات الواهية
ينص القانون على جملة إجراءات وعقوبات للمؤسسات والأشخاص الذين يقومون بعمليات التركز الاقتصادي لنسبة تفوق 30% من معاملات السوق بلا موافقة المجلس، ففي حال عدم تقدم المؤسسات أو الأشخاص المشكلين لمستوى من التمركز الاقتصادي يتجأوز 30% من معاملات السوق فإن العقوبات الرادعة تتحدد في مادة واهية تبدأ من توجيه أوامر خطية للمتعاملين لإنهاء المخالفة المخلة بالمنافسة، إعلان بطلان الممارسات، ولا تتجأوز إغلاق مؤقت للمؤسسات المدانة لمدة لا تزداد على ثلاثة أشهر، ومن الممكن للمجلس أن يقر فسخ العقود والاتفاقيات التي تم بمقتضاها تحقيق التركز الذي نشأت عنه المخالفات.. أما الغرامات فلا تقل عن 1% ولا تتجأوز 10% من الإجمال السنوي لمبيعات السلع أو إيرادات الخدمات للجهة المخالفة. وبغرامة لا تقل عن 100 ألف ل.س ولا تزيد عن مليون ل.س إذا كان مبلغ الإيرادات غير محدد.
الإصرار على السرية
نص تعدل قانون المنافسة على التشديد على تأمين وتوفير الضمانات للمعلومات التي يتم الحصول عليها من مؤسسات الأعمال والتي تتضمن أسراراً تجارية مشروعة لحماية سريتها وكذلك حماية هوية الأشخاص الذين يقدمون معلومات إلى السلطات المعنية بالمنافسة لحمايتهم من الانتقام الاقتصادي، ليتجأوز حد عقوبات «كاشفي السرية التجارية» من أعضاء الهيئة أو غيرهم، عقوبات المحتكرين المخالفين للقانون، حيث يعاقب بالسجن من 3 أشهر إلى ثلاث سنوات، وبمخالفة تبدأ من 100 ألف ل.س وتصل إلى مليون ليرة سورية، وذلك بحق من يقوم بتسريب المعلومات لجهات أخرى.
الإطار القانوني الفضفاض يسمح بهامش حركة واسع للمحتكرين وللقوى الاقتصادية في الإطارات المرخصة والنظامية، ويقدم جملة من الإجراءات والعقوبات الخجولة في حالات التجأوز التي تملك الهيئة المحدد بحوالي 13 عضوا إمكانية تقديم استثناءات عديدة عليها، مع المحافظة على السرية التامة لمعلومات وكشوف المخالفين..!!