26 عاماً.. النقابات من محدد اقتصادي إلى متسائل عام
دعا الاتحاد العام لنقابات العمال إلى ندوة حوارية بعنوان «الوضع المعيشي للمواطن وتحديات الأزمة» وعقدت في مقر الاتحاد العام في مدينة دمشق بتاريخ 24-7-2013. الندوة التي افتتحت بمقدمة ألقاها عزت الكنج أمين الشؤون الاقتصادية،
انطلقت من تراجع الوضع المعيشي للمواطن المتمثل بشكل مباشر بانخفاض القوة الشرائية للدخل أو للعملة الذي وبحسب المقدمة «أصبح يشكل الهاجس الأهم للمواطن السوري في ظل الظروف التي خلقتها الأزمة»..وبناء عليه فإن الندوة وزعت على ثلاثة محاور:
الأول: السياسات الاقتصادية والوضع المعيشي للمواطن قدمها د.منير الحمش.
الثاني: أسباب وتداعيات انخفاض سعر صرف الليرة السورية وإجراءات المصرف المركزي. قدمها د. عابد فضلية
الثالث: التضخم وارتفاع الأسعار وأثرهما على القدرة الشرائية للمواطن. قدمها د. رسلان خضور.
طرحت مقدمة الندوة عدة تساؤلات عن الواقع الاقتصادي الراهن نذكر منها:
هل كانت السياسات الاقتصادية التي سادت سنوات ما قبل هذه الحرب تؤسس لبناء اقتصاد مقاوم؟ ولماذا قدمت شهادات حسن سلوك من المؤسسات المالية الدولية لمن خطط ونفذ تلك السياسات؟ وفي الشأن النقدي إلى متى سيستمر تراجع قيمة الليرة السورية؟ وإلى متى يستمر التجريب في السياسات الاقتصادية والنقدية والارتجال؟
هل تعمل شركات الصرافة في إطار المصلحة العامة أم أنها تعمل من منطق مصالح أصحابها؟ وأغلبهم يرتبطون بشركاتهم في دول الخليج.
من متن المحاضرات
أكد د.منير حمش أن السياسات الاقتصادية الليبرالية والتحول إلى اقتصاد السوق أدى إلى إضعاف الدولة، وفقدان هيبة القانون، واتساع رقعة اقتصاد الظل وغيرها من النتائج الاقتصادية- الاجتماعية، ورأى أن مواجهة الازمة الحالية يتطلب مرحلتين الأولى إسعافية قائمة على استعادة دور الدولة الاقتصادي مع جملة من الإجراءات المتعلقة بالاحتياطي والدعم، والمرحلة الثانية ما بعد الازمة والتي تتعلق بإعادة صياغة كافة السياسات وضمان إعادة الإعمار بأسس وطنية.
أكد د.عابد فضلية في تقييمه لسياسات المركزي بأن المصرف لم يتبع سياسة نقدية كلية، واعتمد في التدخل على شركات الصرافة مع إهمال المصارف العاملة، واعتماد آلية البيع بالمزاد العلني.
د.رسلان خضور قدم جملة الأسباب التي تنتج التضخم مستنتجاً أن الأسعار التي ارتفعت أسعارها بنسبة تفوق 200% أي بما يفوق معدل ارتفاع التكاليف، أو ارتفاع سعر الصرف يعود ارتفاعها إلى خضوعها لاحتكارات تحدد قيمتها بغض النظر عن السوق.
النقابات خلال ستة وعشرين عاماً
في شهر تشرين الثاني من عام 1978 قدمت نقابات العمال في سورية تقرير «مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات» وذلك على أثر الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات، قدم التقرير طرحاً متكاملاً للخروج من الأزمة وجملة من المحددات المهمة في تحليل بنية الاقتصاد السوري ومآلاته في حينها.
يرى بعض الاقتصاديين بأن مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات حينها كان رداً على سياسات الحكومة أو فريقها الاقتصادي بشكل خاص في التوجه نحو الانفتاح الاقتصادي والاقتصاد الحر.. ذكر في تقرير سورية 2025 «المرحلة الحرجة: من إدارة الأزمة إلى الخروج منها» الفصل الذي يقدم قراءة لأزمة الثمانينيات الاقتصادية واتجاهات التعامل معها في مرحلة ممتدة من (1987-1990): « كان رد تقرير نقابات العمال حينها مع جملة من القوى السياسية قائماً على محددات واضحة في مواجهة هؤلاء حيث شدد على تحرير القطاع العام من سيطرة الشرائح البيروقراطية الوصائية، وتركيز ضغط الإنفاق على امتيازاتها وليس على استثمارات القطاع العام أو على الأجور أو على الإنفاق العام.»
الطرح الاقتصادي لنقابات العمال في أزمة الثمانينيات، شكل محدداً من محددات السلوك الاقتصادي في حينها، بينما في أزمة اليوم التي أدخلت 6,7 ملايين سوري تحت خط الفقر، بالإضافة إلى جملة مؤشرات التوقف والتراجع الاقتصادي ومتطلبات إعادة الإعمار، تقتصر النقابات على ندوات حوارية عامة تطرح فيها تساؤلات..
ضد الليبرالية عموماً
لم تبدِ النقابات خطوات جدية نحو بلورة موقفها الإيجابي الذي تكرره في كل طروحاتها الاقتصادية والمتمثل بالموقف الرافض للسياسات الليبرالية الاقتصادية، حيث ذكر في مقدمة المؤتمر:
«نحن في الوسط العمالي والنقابي نقول بصراحة بأن السياسات الاقتصادية التي سبقت هذه الحرب المجنونة لسنوات، لم تكن منسجمة مع خصوصية المجتمع السوري ولا مع الخط السياسي المقاوم، ولاسيما برامج الخصخصة المباشرة وغير المباشرة التي لا تخدم الوطن وهي مرفوضة من قبلنا سواء كانت تحت مسمى التشاركية أو الاستثمار في القطاع العام، أو خصخصة الإدارة كما حدث في المرافئ وغير ذلك كل هذه البرامج هي مرفوضة من العمال.»
الموقف العام لم يعد يكفي اليوم، والمطلوب من النقابات المساهمة في صياغة طرح بديل بكل التفاصيل، انطلاقاً من هذا الموقف الإيجابي الأولي..