إجراءات جذرية.. أوقفوا التحرير وأقيلوا وجوهه
تحولت قوى السوق السوداء اليوم إلى محدد هام في مصير العملة الوطنية، فقدرتها على الاحتكار سمحت بالتوازي مع دور لأطراف إقليمية في الأسواق المجاورة إلى وصول سعر الصرف إلى حدود 300 ل.س/$ وهو ما يزيد عن سعره الحقيقي الناتج عن العوامل الموضوعية الذي يفترض ان لا يتجاوز حدود 120 ل.س/$، .
مع كل ما يحمله هذا من تبعات تهدد مكانة العملة الوطنية أولاً وقيمتها الشرائية أي تأثرها على تآكل أجور السوريين، وزيادة كلف ما تبقى من منتجين منهم
يأتي نشاط السوق غير الشرعية العالي مستنداً على المساحة التي تعطيها إياها سياسات التحرير النقدي التي تعود إلى أعوام الليبرالية السورية سيئة الصيت.. ويأتي أيضاً متكاملاً مع إصرار السلطات النقدية السورية والبنك المركزي في مقدمتها على الاستمرار بمعالجة مسألة سعر الصرف عن طريق عملية ضخ الاحتياطي النقدي الأجنبي في السوق وعن طريق شركات الصرافة ما يؤدي إلى تمركز المزيد من القطع لدى السوق السوداء..
لذلك فإن معالجة جذرية لمسألة سعر الصرف وحماية الليرة السورية يجب أن تعتمد أولاً على معالجة المشاكل الجذرية المتعلقة بالخلل البنيوي في الاقتصاد السوري أي الزيادة الكبيرة في الكتلة النقدية مقابل تراجع الكتلة السلعية من جهة، والعمل على زيادة إيرادات القطع الاجنبي أو إيقاف هدره عن طريق تمويل المستوردات بشكل عشوائي أو ضخه بكميات كبيرة في السوق. وهذه المعالجة هي ضرورية ولكنها في الأمد المتوسط والطويل، بينما مستوى تدهور قيمة العملة يتطلب إجراءات جذرية سريعة معتمدة على إيقاف نشاط قوى السوق السوداء وضبط حركة القطع محلياً وذلك من خلال:
1. التراجع عن سياسات التحرير النقدي
تحديد إمكانية الحيازة باتجاه منع امتلاك القطع بالحدود التي تسمح بالتأثير الاحتكاري المضاربي.
منع المتاجرة أي عمليات بيع وشراء القطع الاجنبي، وتحديداً من شركات ومكاتب الصرافة.
تقييد السوق الرسمية بالمصارف العامة والمصارف الخاصة كونها أكثر قدرة على الضبط، وحصر عمليات توزيع القطع أو التحويل بين العملات بها، ما يلغي عمل شركات ومكاتب الصرافة.
2. إيقاف هدر القطع الأجنبي
إيقاف سياسة ضخ القطع الأجنبي التي ينتهجها المصرف المركزي
حصر عمليات تمويل المستوردات بالمواد الرئيسية ومن المنافذ الرسمية المحصورة بالمصارف العامة أو الخاصة.
3. زيادة صلاحيات الحكومة في إدارة السياسة النقدية وإقالة السلطة النقدية الحالية وحاكم المصرف المركزي لمسؤولية هذه الإدارة الرئيسية عن تراجع قيمة العملة المحلية وزيادة هيمنة السوق السوداء.
إن الإجراءات الحالية التي تتخذها الحكومة في إدارة الأزمة ناتجة عن سياسات قديمة صاغتها حكومات سابقة في ظروف الاسترخاء، وهو ماجعل الحكومة الحالية تفشل حتى في إدارة الأزمة، فهي تواجهة أزمة بأدوات متخلفة وهزيلة، لذلك يتوجب تغيير الحكومة لدواعي تغيير بيانها وسياساتها متوسطة الأجل على الأقل.