من «درع الشرق» إلى «الحارس الشرقي»: خطوات تُقرِّب من توسيع الحرب
أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مطلع أيلول بدء عملية «الحارس الشرقي» العسكرية على حدود روسيا، فيما قال: إنه رد على اختراق مسيرات روسية للمجال الجوي لبولندا وليتوانيا. روسيا بدورها دعت للحوار ونفت تعمد إرسال مسيرات تؤدي للتصعيد خلال مناوراتها العسكرية مع بيلاروسيا على الحدود.
التصعيد هذا، كان قد سبقه أكثر من عام من العمل المكثف على بناء الناتو قدرات عسكرية على الحدود البولندية تحضيراً لحرب مع روسيا، فيما يسمى بمشروع «درع الشرق» الذي انطلق في أيار 2024.
ما هو «درع الشرق» البولندي؟
مشروع درع الشرق، هو جزء استراتيجي من ثلاثية حربية متكاملة لحلف الناتو في شرق أوروبا تشمل:
أولاً: خط البلطيق بدوله الثلاث ليتوانيا، لاتفيا وإستونيا.
ثانياً: رفع قدرة فنلندا على توجيه ضربات في العمق الروسي.
ثالثاً: «درع الشرق». وكان رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك قدم هذا الاقتراح الذي يحول بولندا إلى ثكنة عسكرية، طامحاً عبره ليكون الجنرال الجديد للحرب القادمة. يمتد درع الشرق على الحدود مع بيلاروسيا والإقليم الروسي كلينيغراد بطول 700 كم وعرض 50 كم. وهو ليس جداراً بالمعنى التقليدي بين دولتين، بل عبارة عن بنية تحتية عسكرية مكثفة لصد أي هجوم بري، ويتضمن وسائط مراقبة إلكترونية، ومضادات دبابات، وألغام دبابات وأفراد. بتشجيع من الولايات المتحدة تبدو شهية الحكومة البولندية مفتوحة تماماً على الحرب بعد إقناعها أنها ستكون «المحرك العسكري لأوروبا» بدلاً من الألمان. وعليه بادرت إلى رفع الإنفاق في الناتو كما طلب ترامب، لتصبح من أكثر الدول الأوروبية إنفاقاً بـ 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي اليوم و5% قريباً على حساب الإنفاق الاجتماعي. في وقت بالكاد تصل دول أوروبية أخرى إلى 2%.
رغم إنفاقها العالي في الناتو، إلا أن حجم تمويل الناتو لمشروعها «الطموح» لا يبدو كافياً. فقامت وبمباركة من الاتحاد الأوربي بتحويل جزء من أموال المنح التي خصصها الاتحاد للدول الأعضاء للتعافي من نتائج أزمة كورونا للمشروع فـ 10% من هذه الأموال التي كانت مخصصة للتطور الرقمي والطاقة الخضراء سيتم تحويلها للإنفاق العسكري!
المشروع الذي خططت الحكومة البولونية إنجازه بحلول 2028 يواجه عقبة تقليدية جداً: الشعب وأصحاب الأراضي الحدودية. الدولة تريد الأرض والمحاكم مشغولة بالقضايا. كما انسحبت بولندا من اتفاقية أوتاوا التي تحرم استخدام الألغام المضادة للأفراد، لتتيح استخدامها في أراضي تلك المنطقة، لتتحول المنطقة برمتها إلى مصائد موت.
«الحارس الشرقي» خطوة تجاه الحرب
خلال العمل على «درع الشرق» زادت التوترات بين ألمانيا المتعطشة لدورها القديم كمتزعم حروب، وبولندا التي تحولت لمنافس قوي بدعم من ترامب. تنصح تقارير عديدة للناتو الدولتين بالتعاون على الأرض لإضعاف روسيا، كما تلعب شركات السلاح كراين ميتال دوراً كبيراً في سير هذه المفاوضات حول وزن ودور كل منهما.
وتأتي عملية «الحارس الشرقي» كفرصة للناتو لزيادة التدريبات الميدانية، واختبار مستوى التعاون على الحدود الروسية، إذْ قام الناتو بتفعيل المادة الرابعة للحلف، والتي تنص على الدفاع المشترك، والبدء بخوض العملية بتنسيق مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك.
تخطو أوروبا المتأزمة اقتصادياً بشكل حثيث نحو الحرب في السنوات القادمة، وتراها اليوم على صفيح ساخن، لا بسبب التوترات الداخلية في كل دولة أوروبية مع شعوبها فحسب، بل لاحتدام التناقضات بين دول الناتو بعضها البعض، على غنيمة مفترضة من حرب قادمة ستدفع ثمنها الشعوب...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1244