مادورو عن التحركات الأمريكية: «هذا ليس توتراً، بل حرباً غير معلنة»
معتز منصور معتز منصور

مادورو عن التحركات الأمريكية: «هذا ليس توتراً، بل حرباً غير معلنة»

تدفع واشنطن العلاقات مع فنزويلا إلى تصعيد غير مسبوق، وبعد أن كان احتمال أن تتحول هذه التطورات إلى اشتباكات مسلّحة بات هذا الاحتمال قائماً اليوم، وإن كان من المستعبد حتى الآن أن تتحول إلى مواجهات عسكرية شاملة بين البلدين.

لم يعد الحديث عن «توتراتٍ دبلوماسيةٍ» أو «مناورات ردع». فالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أعلن بشكل صريح: ما تمارسه الولايات المتحدة ضد بلاده هو «عدوان شامل» بحسب تعبيره عسكري، وسياسي، واقتصادي، وإعلامي، لا يهدف لمكافحة المخدرات كما تدّعي واشنطن، بل لتهيئة الأرضية لتغيير النظام وفرض حكومة عميلة تُسلّم ثروات فنزويلا الطبيعية.

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 16 أيلول الجاري أن قواته وجّهت ضربة عسكرية جديدة إلى قوارب في البحر الكاريبي بحجة «تهريب مخدرات» وهي الضربة الثانية خلال هذا الشهر، ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً. لم تُقدّم واشنطن أي أدلة، ولم تُعلن هويات الضحايا، لكن النائب العام الفنزويلي طارق وليام صعب، أعلن أن هؤلاء كانوا صيادين عُزّل على متن قوارب صغيرة، لا تحمل أسلحة ولا مخدرات، بل أدوات صيد بسيطة. ووصف العملية بأنها «جريمة ضد الإنسانية تستدعي تحقيقاً دولياً من الأمم المتحدة»، كما عبر عن استغرابه حول الحاجة لاستخدام كل هذه الترسانة النووية والسفن والمدمرات للقضاء على مركبات صغيرة. فيما يبدو استعراضاً للقوة والبلطجة الأمريكية وقدرتها التدميرية، ضمن الرسائل الأمريكية التي ترغب في إيصالها للشعب في فنزويلا.

وفي الوقت الذي يربط فيه البيت الأبيض نشر القطع البحرية الأمريكية في الكاريبي بمكافحة «كارتيلات المخدرات» في أمريكا اللاتينية بحسب تعبيره، يرى الرئيس مادورو أن الهدف الحقيقي لدونالد ترامب من هذه الخطوة، هو الترويج لتغيير النظام في فنزويلا، بهدف الاستيلاء على مواردها الطبيعية حيث قال الرئيس الفينزويلي: «خطة إمبريالية لتغيير النظام وسرقة نفط البلاد الذي يمثل أكبر احتياطي في العالم، و(سرقة) الغاز الذي يمثل رابع أكبر احتياطي في العالم».

كما وصف وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز ما يجري بأنّه «الحرب غير المعلنة» فيما ردّت كراكاس بمناورات عسكرية استمرت 3 أيام قبالة جزيرة لاأورشيلا، وأطلقت طلعات جوية ودوريات للطيران المسير فوق المنطقة.

وفي خطاب، لمادورو حضره قادة الجيش والحكومة كشف «تهديدات نووية» أمريكية، وحذر من «تحضيرات لغزو»، مضيفاً: «نحن نمارس حقنا المشروع في الدفاع عن النفس». كما أعلن عن تدريب المدنيين في الأحياء الشعبية على استخدام السلاح، مؤكداً أن الجيش والشعب على أهبة الاستعداد.

الهدف الأمريكي

التصريحات والتهديدات مستمرة تقريباً بدون انقطاع، هذا فضلاً عن حملات تضليل إعلامية كبيرة تحاول تضخيم حجم التحركات العسكرية الأمريكية، التي يبدو أنّها حتى الآن تتألف من مجموعة سفن وطائرات F35 بمواقع قريبة من حدود فنزويلا، لكن طبيعة التصريحات الأمريكية تحدث إرباكاً بالنسبة للرأي العام، فخرج ترامب يوم السبت 20 أيلول في تصريحات غامضة، ادعى فيها الرئيس الأمريكي أن فنزويلا دفعت مجموعة من «السجناء والأشخاص من المؤسسات العقلية» للدخول إلى الأراضي الأمريكية، وهدد ترامب بأن فنزويلا ستدفع «ثمناً باهظاً» في حال لم تعد الأشخاص المزعومين.

تسعى واشنطن من خلال هذه التحركات إلى زيادة الضغوط على الحكومة والمجتمع في فنزويلا، حيث تسعى لخيار مركب داخلي– خارجي، بعد فشل عدة محاولات انقلابية، وكذلك محاولات الانتصار من خلال الانتخابات، وتحقيق تغيير يناسب سياسة ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك صعوبة القيام بحرب مباشرة وشاملة في منطقة قريبة من الحدود الأمريكية، الأمر الذي سيحمل تطورات قد لا تكون محسوبة، وآثاراً تشمل كامل القارة اللاتينية. لذلك، تلجأ واشنطن إلى الضغط الاقتصادي والعسكري واستعراض القوى الأمريكية ليس بهدف إشعال حرب بقدر ما تستهدف توتير الأجواء الداخلية. المؤكد، أن ما يجري في فنزويلا ليس حادثاً عرضياً بل هو خطة أمريكية منسّقة تتكشف بشكلٍ تدريجي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1244