الهند والصين... نحو تحسين علاقاتهما بعكس المصلحة الأمريكية

الهند والصين... نحو تحسين علاقاتهما بعكس المصلحة الأمريكية

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية عبثاً أن تعظّم من الخلافات البينية بين دول الشرق الأساسية، وخاصة روسيا والصين والهند وباكستان، لكن على غرار محاولات شق العلاقات الصينية الروسية التي لم تُفضِ إلّا إلى الإسراع بتعميقها أكثر، وارتكبت واشنطن ولا تزال الخطأ نفسه، فيما يتعلق بالعلاقة الصينية الهندية والروسية الهندية.

اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- خلال ولايته الأولى- الهند شريكا أساسياً في مواجهة الصين، ومنذ ذلك الحين يحاول ما باستطاعته لاستمالة نيودلهي نحو الجانب الأمريكي بالضد من المصالح الصينية، ولإعاقة أي تطور طبيعي للعلاقات الصينية- الهندية، بما فيها الصدام العسكري المباشر الذي جرى بين البلدين آخر ولايته الأولى في 2020، إلا أن الهند ومنذ ما قبل ذلك الوقت، ورغم خلافاتها القديمة مع الصين، وضعت نفسها في «جبهة بريكس»، وكانت ترى نفسها قوة دولية صاعدة غير ملزمة بتبعية لأيّ قوة دولية أخرى.

خلال ولايته الثانية، وبعد جملة من التطورات الدولية عموماً وفي الشرق خصوصاً، صعّدت واشنطن لهجتها تجاه نيودلهي، التي انزاحت بعيداً عن الخطّ الأمريكي، وشملتها بالرسوم الجمركية المرتفعة والحرب التجارية، وصولاً لأن تهدد الهند مباشرة بعقوبات تجارية ثانوية ترفع بها الرسوم الجمركية عليها لتصل إلى 50% بحال استمرت في شراء النفط الروسي، بذريعة أنها تموّل موسكو في حربها في أوكرانيا، إلا أن نيودلهي تحدت هذا الأمر، واستمرت بشراء النفط بكميات أكبر، معتبرة أن مشترياتها عبارة عن معاملات تجارية فقط، متهمة واشنطن وبروكسل بازدواجية المعايير بسبب مواصلتهم إجراء المعاملات التجارية مع موسكو رغم الحرب الجارية.

إلا أن الهند وروسيا والصين وبقية دول بريكس، يدركون أن الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية لا علاقة لها بالحرب الأوكرانية، وأبعد من استخدامها كذريعة، وهي تهدف لشق صفوف هذا التحالف الاقتصادي، وضرب أعضائه جميعاً، ودون أيّ بدائل. فحتى من وجهة نظر اقتصادية بحتة، وبعيداً عن أيّ خلافات أو تقاربات سياسية بين أي كان، ليس باستطاعة واشنطن المأزومة، والتي تسير بشكل متسارع نحو الانفجار، أن تقدم شيئاً للهند سوى ارتدادات هذه الأزمة الاقتصادية عليها وإضعافها.

بالمقابل، فإن اقتصادات هذه الدول الثلاث تحديداً، تكمل بعضها بعضاً، وتحتاج بعضها بعضاً، على الأقل ضمن العناوين العريضة التالية على سبيل المثال لا الحصر: روسيا بتصديرها لموارد الطاقة من نفط وغاز للصين والهند، وحاجة الهند للنفط الروسي وللتقنيات والمواد الحيوية والمعادن الصينية، وحاجة الصين للسوق الهندية الضخمة لتصدير بضائعها إليها.

وذلك فضلاً عن العلاقات السياسية الطبيعية التي تجمع هذه البلدان في منطقة آسيا، مع ما يترتب عليها من بروتوكولات واتفاقات أمنية، تضمن استقرار المنطقة بما يؤمن مصالح الجميع، وهذا يتعارض تماماً مع المصالح الأمريكية وتطلعات واشنطن.

ضمن هذه المعادلة، جاءت التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية ثانوية على الهند والصين لتسرّع من مسار التطوّر الموضوعي باتجاه تعاونهما بمواجهة الغطرسة الأمريكية، ليذهب وزير الخارجية الصيني وانغ ييي بزيارة استمرت يومين إلى نيودلهي، أعلن خلالها عن استئناف العلاقات التجارية، واستئناف الرحلات الجوية المباشرة، وإصدار تأشيرات للصحافيين، وتعزيز التبادل التجاري والثقافي بين البلدين، وأشاد وزيرا الخارجية الصيني والهندي بتقدّم العلاقات بين بلديهما، كما عقدت الجولة الـ 24 من المحادثات مع مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال لحل النزاع الحدودي.. ويجري تداول أنباء عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي إلى بكين نهاية الشهر الجاري لأول مرة منذ 7 سنوات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1240