عن نتنياهو وتوقيت الحديث عن «إسرائيل الكبرى»
خرج رئيس الوزراء الصهيوني في 12 آب الجاري ليكشف مجدداً عن نزعة عدوانية أصيلة في المشروع الصهيوني، نزعة من شأنها تهديد دول المنطقة والإقليم، وتدفعهم لمقاومة هذا المشروع ويجعل من ذلك خياراً إجبارياً للحفاظ على دولهم موحدة مستقرة، فبعد أن مرت المنطقة بفترة بدت فيها وجهة النظر الأمريكية، أنّه من الممكن الوصول إلى «تفاهمات» مع الكيان عبر ما عرف بالاتفاقات الإبراهيمية، نعود الآن إلى نقطة يُعاد فيها تقييم هذا التوجه الأمريكي والتراجع عنه.
قدّم خلال مقابلة مع قناة i24 News المذيع اليميني المتطرف شارون غال، قلادة تحمل خريطة لـ«أرض الميعاد» بحدود موسعة تشمل فلسطين المحتلة، وأجزاء من الأردن، ولبنان، وسورية، ومصر، وأهداها لنتنياهو، موجّهاً له سؤالاً عن مدى ارتباطه بهذه الرؤية، ليؤكد نتنياهو أن «[إسرائيل] الكبرى» جزءٌ من شخصيته، وأنّه يرى نفسه في «مهمة تاريخية وروحانية لتحقيق أحلام أجيال متعاقبة من الشعب اليهودي».
التصريح الاستفزازي هذا دفع 31 دولة عربية وإسلامية إلى جانب الأمناء العامين لجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، لإدانة نتنياهو، معتبرين أن حديث نتنياهو عن «[إسرائيل] الكبرى» يمثل استهانة بالقانون الدولي، وتهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والسلم الإقليمي والدولي.
ما الذي دفع نتنياهو لهذا الإعلان الآن؟
لم يكن مستغرباً أن تلاقي هذه التصريحات رفضاً واسعاً، كيف لا! وهي تهديد صريح لدول ذات سيادة، ومخالفة صريحة للأعراف والقوانين الدولية، فضلاً عن كونها إنذاراً عن مدى خطورة المشروع الصهيوني، وكيف يرى المجتمع الدولي، لكن توقيت هذا الإعلان بدا شديد الحساسية، ففي حين ربطه البعض بأزمة نتنياهو الداخلية، وسلاح في معركة التجاذبات السياسية، يظهر أن توقيته مرتبط بأكثر من ذلك، وتحديداً بحجم الخطر الوجودي الذي يعاني منه المشروع الصهيوني، فإذا ما نظرنا إلى سياق التطور منذ 7 أكتوبر، يبدو جليّاً أن الكيان لم يستطع تحقيق نصرٍ حاسم على أيٍّ من الجبهات التي فتحها، ما يعني أنّه لم يستطع تغيير ملامح المحيط أو إعادة تشكيله، فرغم أن هذه المحاولات مستمرة ولم تتوقف، إلا النجاحات العسكرية الصهيونية لم تتحول إلى واقع ملموس بعد، لا في غزّة والضفة ولا في لبنان واليمن وسورية أو حتى في إيران، فالعربدة «الإسرائيلية» مستمرة وتزداد وقاحتها، لكنّها في الوقت نفسه تدخل في حلقة مفرغة ويجري كل ذلك في واقع دولي متغيّر ومقلق للكيان تحديداً مع تبعات قمة ألاسكا.
فالمعركة التي فتحها جيش الاحتلال ضد إيران كانت خطوة خطرة، لكنّها بدت بنظر قادة الكيان محاولة لكسر اتجاه معاكس لمصالح الكيان، لكن المحاولة انتهت بالفشل، فمن بدأ هذه الحرب كان يعرف أنّه قادر على إلحاق أضرار بالبرنامج النووي الإيراني، ومفاصل أخرى من الدولة، لكنّه كان يعوّل على فرض واقع إقليمي جديد وفشل في ذلك، بل إن تكلفة الدفاع عن «إسرائيل» كانت باهظة جداً، قدّرتها مجلة نيوزويك بـ 15 إلى 20 % من المخزون الأمريكي العالمي من صواريخ «ثاد» الاعتراضية، ما يطرح سؤالاً حول إمكانية القيام بمغامرات من هذا الحجم في المستقبل القريب، مع ما يعنيه ذلك من زيادة التهديد الوجودي على الكيان، ودفعه للمزيد من الهذيان تحت تأثير مرضه المزمن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1239