العلاقات المصرية- الصينية 2025: ضربة جديدة للدولار
تشهد العلاقات المصرية- الصينية في عام 2025 تطوراً مهما يمكن أن يتحول الى شراكة استراتيجية يتجاوز مجرد التعاون الاقتصادي التقليدي. ففي ظل الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة، تسارع القاهرة خطاها نحو تعزيز شراكتها مع بكين على كافة المستويات، من التعاون العسكري والتكنولوجي إلى إعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية، بعيداً عن الهيمنة الغربية.
وفي هذا السياق زار رئيس مجلس الدولة الصيني مصر، حيث تم التوقيع على عددٍ من الاتفاقات ومذكرات التفاهم، أبرزها: مذكرة التفاهم بين البنك المركزي المصري، وبنك الشعب الصيني.
مناورات عسكرية مشتركة وصفقات سلاح
في المجال العسكري، شهد أبريل/نيسان 2025 مناورات جوية مشتركة حملت اسم «نسور الحضارة 2025»، شاركت فيها طائرات صينية متقدمة، مثل: مقاتلات «J-10C» وطائرات النقل الاستراتيجي«Y-20». هذه المناورات لم تكن مجرد استعراض للقوة، بل مقدمة لاقتناء مصر للتكنولوجية العسكرية الصينية المتطورة من ضمنها حصول مصر على نظام الدفاع الجوي HQ-9B المتقدم، الذي يمكنه التعامل مع 100 هدف جوي في وقت واحد، بما في ذلك الطائرات الشبحية والصواريخ فوق الصوتية بفضل راداره ثلاثي الأبعاد. تمثل هذه الصفقات خياراً استراتيجياً لمصر لكسر القيود الغربية المفروضة على توريد الأسلحة، والتي تهدف إلى الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
التبادل بالعملات المحلية الطريق نحو شراكة اقتصادية شاملة
على الصعيد الاقتصادي، اتخذ البلدان خطوات لافتة لتقليل الاعتماد على الدولار عبر التبادل بالعملات المحلية. هذه الخطوة التي اعتبرها كثير من المحللين ضربةً كبرى للدولار، فالعلاقة بين البلدين تشهد تطورات كبيرة، وإمكانيات هائلة، خاصة مع تنوع الاقتصاد المصري والاستثمارات الصينية في مصر، سواء في مجال البناء والبنية التحتية في العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك مشاريع الطاقة البديلة، وكذلك مصانع إنتاج السيارات، وفي هذا السياق قال أحمد عز الدين، رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين بجمعية رجال الأعمال المصريين: إن الصين تتميز على أي دولة أخرى في سرعة إقامة المصانع، مشيراً إلى أن مصر تتطلع إلى أن يتجاوز حجم الاستثمارات الصينية 15 مليار دولار خلال عام واحد.
وقع كلٌ من البنك المركزي المصري وبنك الشعب الصيني مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستراتيجي المالي، وأخرى تتعلق بمبادلة الديون بين وزارة التخطيط المصرية والوكالة الصينية للتعاون الإنمائي، إضافة إلى اتفاقيات في مجالات التنمية منخفضة الكربون، وتعزيز التجارة الإلكترونية، والتعاون في المواصفات والجودة.
ووقّعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية رانيا المشاط مع نظيرها الصيني خمس وثائق تعاون، أبرزها: استراتيجية التعاون الإنمائي 2025-2029 وبرنامج مبتكر لتحويل الديون إلى مشاريع تنموية في مجالات التعليم والصحة والطاقة المتجددة. و كما تسمح مصر الآن بتسجيل الشركات الصينية باستخدام اليوان في التعاملات المالية، وبدعم من البنك المركزي المصري، بحسب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري.
التوجه المصري شرقاً في مواجهة التحديات
التحول المصري نحو الشرق ليس ترفاً، أو كما يشاع لتنويع العلاقات وتحقيق التوازن، بل جاء نتيجة تراكم التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها القاهرة. فمن الناحية الإقليمية، تتعامل مصر مع سلسلة من التهديدات الأمنية المتشابكة، تتصدرها المخاطر النابعة من السياسات الإسرائيلية التوسعية، والتي تسعى لتفجير الوضع الداخلي في مصر من بوابة غزة، مروراً بأزمة سد النهضة التي تهدد الأمن المائي المصري، ووصولاً إلى التوترات المستمرة على حدودها الغربية والجنوبية في ليبيا والسودان.
أما على الصعيد الدولي، فقد زادت القيود الغربية- خاصة الأمريكية- التي تربط تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية بشروط سياسية صارمة، والتدخل في الشؤون الداخلية. هذه المعادلة جعلت من التعاون مع القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين، خياراً استراتيجياً لا بديل عنه لمصر.
في هذا الإطار، تكتسب عضوية مصر في مجموعة «بريكس» أهمية خاصة، حيث توفر المنصة الدولية فرصاً ثمينة للتعاون مع اقتصادات العالم النامي. كما تفتح آفاقاً جديدة للخروج من دائرة التبعية للغرب، عبر توفير بدائل تمويلية، بعيداً عن شروط الخضوع الغربية، وفرص للشراكة التكنولوجية والعسكرية، ومساحات أوسع للمناورة السياسية والاقتصادية في الساحة الدولية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1234