منع المستوطنين من مغادرة «إسرائيل» لم يكن إجراءً أمنياً!
خلال الحرب الأخيرة بين «إسرائيل» وإيران نجحت الأخيرة باستهداف غير مسبوق للعمق «الإسرائيلي» ورغم كل التبجح الصهيوني بالقدرات الخارقة للدفاعات الجوية، كانت الكاميرات قد وثّقت مئات الاستهدافات المباشرة، ومع التعتيم الشديد عن حجم وطبيعة الأضرار، ظهرت في الصحف تقارير مثيرة للاهتمام، وتحديداً تلك التي تحدثت عن هروب جماعي للمستوطنين.
نظراً لكون «إسرائيل» لم تشهد حدثاً مشابهاً، فلم يكن من السهل تخيّل ردة فعل المستوطنين، مع أنّهم كانوا دائماً يظهرون قلقاً من الحرب، وخصوصاً عندما تؤثر على حياتهم بشكلٍ مباشر، متجاهلين أن الفلسطينيين يعيشون هذه الظروف على مدار الساعة. لكن أحداث الحرب الأخيرة سلّطت الضوء على نقطة ضعف كبيرة، وهي أن آلاف المستوطنين قرروا خلال 12 يوم فقط الخروج من الكيان، والذهاب والاستقرار خارجه، ويبدو أن الظاهرة كانت أكبر بكثير مما جرى تداوله في الإعلام، إلى تلك الدرجة التي اضطرت سلطات الاحتلال لأخذ إجراءات محددة لمنع السفر، فبحسب صحيفة هآرتس «أمرت الحكومة شركات الطيران المحلية بعدم السماح للمواطنين [الإسرائيليين] بالسفر الخارجي، حيث تنمو المخاوف من الهجمات الانتقامية الإيرانية المحتملة على المطارات [الإسرائيلية]».
في حين ظهرت قرارات كهذه بوصفها «إجراءات أمنية» وخوفاً من استهداف المطارات، تبين لاحقاً أن الإجراءات لم تشمل المطارات، بل حتى المعابر البرية المتاحة، مما دفع مستوطنين لمحاولة الخروج بشكل غير شرعي، وتنوّعت الطرق، إما عبر شرم الشيخ في مصر، أو عبر زوارق خاصة إلى اليونان، ومن هناك إلى أوروبا.
ما يمكن الوقوف عنده حقاً، هو أن النواة الأساسية للمشروع الصهيوني كانت ولا تزال قائمة على فكرة الاستيطان ووجود أشخاص متحمسين لهذه الفكرة، فإجراءات منع السفر هذه ليست بالطبع إجراءات أمنية، بل هي إجراءات وجودية بالنسبة للكيان، ولكنّها إجراءات قاصرة لن تكون حائلاً حقيقياً أمام منع من يريد الهجرة.
يمكننا القول: إن الحرب الأخيرة قدّمت دروساً عديدة، ربما كان هذا الدرس هو أبرزها، فالكيان أضعف مما يبدو، وإن كانت نهاية المشروع الصهيوني تبدو بعيدة جداً عن أذهان الناس، فهي اليوم تبدو أقرب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1232