مع تجدد الحرب في غزّة… جولة سريعة في صحف الكيان
يصر الكيان الصهيوني على خيار التصعيد في غزّة، ويجدد حربه العدوانية دون رادع، وبالتزامن مع ذلك عادت صحف الكيان لإعادة نقاش ما جرى نقاشه طوال الشهور الكثيرة الماضية.
تتزايد التساؤلات داخل «إسرائيل» حول جدوى استمرار الحرب على غزة، لا سيما مع تصاعد الانتقادات الداخلية والخارجية، وتداعياتها الاقتصادية والأمنية. فبحسب معهد دراسات الأمن القومي، فإن أحد السيناريوهات المطروحة هو الاحتلال الكامل للقطاع، لكنه يحذّر من كلفته الباهظة: فالحاجة إلى نشر 5 ألوية داخل غزة، ولواءين خارجها ستستنزف الجيش، وتقلص وجوده في الضفة الغربية والحدود الشمالية، ما يزيد من مخاطر التهديدات المتعددة. كما أن تجنيد الاحتياطيين بهذا الحجم سيضر بالاقتصاد بسبب غياب العمالة، ناهيك عن تآكل الحوافز لدى الجنود الذين يُكلَّفون بمهام شرطية غير تقليدية.
لكن الخطر الأكبر يكمن في العزلة الدولية. فغياب الشرعية عن الاحتلال قد يؤدي إلى مقاطعات اقتصادية، خاصة من أوروبا، ويزيد من «موجات العداء للسامية عالمياً». هذه التكلفة السياسية والاقتصادية تدفع حتى المؤسسات الأمنية «الإسرائيلية» إلى التشكيك في جدوى الخيار العسكري الصرف. وفي حين يعرض المعهد خيارات أخرى محتملة، مثل: إبقاء غزّة تحت الحصار، أو إيجاد حكم بديل عن حماس إلا أن أيّاً من هذه الخيارات ليس سهلاً، ولا يمكن ضمانه، مع أن معهد الدراسات يشير إلى أن إيجاد حكم بديل عن حماس سيكون الخيار الأنسب والأقل تكلفةً.
«المجازر التي لم يعد أحد يخجل منها»
في المقابل، يسلط مقال لصحيفة هآرتس الضوء على انهيار الحواجز الأخلاقية في الحرب الحالية، بعنوان صادم بالنسبة لصحيفة «إسرائيلية»: «تستطيع [إسرائيل] ارتكاب قدر ما تشاء من المجازر، وربما هذا ما تريده». الكاتب يشير إلى أن القصف اليومي الذي يزهق أرواح المدنيين لم يعد يُثير ردود فعل دولية أو حتى «إسرائيلية» كافية، بل أصبح أمراً مُسلَّماً به. ويقارن الكاتب، أنه بعد مجزرة «قانا» في التسعينيات، التي هزّت الرأي العام، اضطرت «إسرائيل» لوقف الحرب، أما اليوم فلا ترى نفسها مضطرة إلى «التبرير أو اعتذار»، وكأن الضمير العالمي قد تبخّر، كما يقول الكاتب. السؤال الذي يطرحه المقال: إذا لم توقف «إسرائيل» المجازر المتكررة حتى الآن، فما الذي سيفعل؟ الجواب المُفترض: لا شيء. ظهور هذه الطروحات اليوم بات أمراً رائجاً، وخصوصاً أن الحرب لم تحقق أياً من النتائج المعلنة لها، ويزداد مع كل يوم حجم الضغوط على الكيان، نظراً لحجم الجرائم التي ترتكب على مدار الساعة، وهذا ما بدأ يمهد- فيما يبدو- لرأي عام يشعر بنوع من فقدان الانتماء، ففي مقال لـ يفعات جدوت في هآرتس، تقول فيها: «نحن، الجمهور الليبرالي، والعلماني، ودافعو الضرائب، استيقظنا. لقد صحونا، ولن نعيش في دولة تفتقر إلى التعاطف، ولا تفعل ما يكفي لإعادة أسراها. لن نعيش في دولة تفضّل الموت والحروب والدمار والاحتلالات على السلام. لن نعيش في دولة عنصرية تفتقر إلى المساواة. لن نعيش في دولة لا يشعر فيها المواطنون بالأمان الشخصي والوطني. لن نعيش في دولة تتغلب فيها الرداءة والكسل والنهب، على الطموح إلى التميّز، والعمل الجاد، والنزاهة. لن نعيش في دولة متخلفة، ولا في ديكتاتورية ثيوقراطية على طراز إيران. وفوق كلّ هذا، لن نرسل أبناءنا للقتال من أجلها».
في الختام في مقال نشرته معاريف، كشف فيه الكاتب عن فجوة أخرى بين تصور «إسرائيل» لنفسها كقوة ردع، وبين واقع الشرق الأوسط الذي لم يتغير. فبرغم الادعاءات بأن الحرب أحدثت «هزة» في المنطقة، يظل الخطاب السياسي العربي والإقليمي كما هو، حتى بعد الانتقالات الأمريكية والإنجازات العسكرية. المقال يؤكد، أن «النجاحات العسكرية» لم تحقق في الواقع أي تغيير جدي في التوجهات السياسية في الشرق الأوسط، بل على العكس تماماً، ويرصد المقال أن خيارات الدول الأساسية في المنطقة لم تعد قابلة للتأثر بالموقف الأمريكي أو «الإسرائيلي».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1221