تحالف دول الساحل الأفريقي تجربة يمكن تعميمها
في خطوة تعكس تطور العلاقات بين روسيا ودول أفريقية، قام وزراء خارجية تحالف دول الساحل «بوركينا فاسو، مالي، والنيجر» بزيارة رسمية إلى موسكو في 3-4 نيسان الجاري، الزيارة جاءت تلبية لدعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وشهدت نقاشات متعددة تناولت الأمن، الاقتصاد، والتعاون العسكري. هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة في ظل التحديات التي تواجهها دول الساحل، بما في ذلك النزاعات المسلحة، الفقر، والتهميش الدولي.
تعزيز التعاون الاستراتيجي
أكدت روسيا دعمها لتحالف دول الساحل الذي تأسس في أيلول 2023 كخطوة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. رئيسة إدارة الشراكة مع أفريقيا بالخارجية الروسية، تاتيانا دوفغالينكو، أشارت إلى أن هذا التحالف يمثل «حلولاً أفريقية لمشاكل أفريقية» وهو ما يتماشى مع الرؤية الروسية القائمة على احترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما أعربت عن دعم موسكو لإنشاء بنية أمنية إقليمية جديدة تعتمد على الجهود المحلية.
التعاون العسكري كان أحد المحاور الرئيسية للزيارة. فقد أكد لافروف، أن التعاون مع مالي يزداد قوة عبر برامج تدريب مشتركة، وإرسال مدربين عسكريين روس إلى المنطقة. من جهته، أشاد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب بهذا التعاون، ووصفه بأنه «يسير بشكل جيد على أرض الواقع». كما أعلن عن زيارة مرتقبة للرئيس المالي آسيمي غويتا إلى موسكو في حزيران القادم، مما يعكس رغبة الطرفين في تعميق العلاقات. كما أعرب ديوب عن امتنان شعوب تحالف دول الساحل فقال: «أشكر الاتحاد الروسي والشعب الروسي على المساعدة التي تم تقديمها في المجال الاقتصادي».
خلال الاجتماع الثلاثي مع وزراء خارجية الدول الأفريقية الثلاث، أكد الجانبان رغبتهم في بناء «شراكة ديناميكية وندية» تستند إلى المصالح المشتركة. وفقاً للبيان المشترك الصادر بعد الجلسة، تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع، والاقتصاد، والتنمية. كما أعربت الأطراف عن تضامنها حول قضايا عدم تسييس حقوق الإنسان، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمعاملة المتساوية للدول في المنظمات الدولية.
على الصعيد الاقتصادي، أشار لافروف إلى أن حجم التجارة بين روسيا ودول الساحل زاد بأكثر من 10 مرات خلال العام الماضي، رغم أن الأرقام لا تزال متواضعة مقارنة بالإمكانات المتاحة. وأكد الجانب الروسي استعداده لدعم الكونفدرالية في بناء مسار سياسي مستقل، وتشكيل هيكل أمني إقليمي جديد يعتمد على قواتها الخاصة.
تطور تاريخي في العلاقات
وصف وزير خارجية النيجر، بكاري ياو سانغاري، اللقاء بأنه «حدث تاريخي ونقطة تحول» في العلاقات بين بلاده وروسيا. وأشار إلى أن هذه المشاورات تمثل خطوة عملاقة نحو الاعتراف الدولي بالتحالف ككيان جيوسياسي مهم. كما أعرب عن شكره لروسيا على دورها في الحفاظ على السلام والأمن في منطقة الساحل وخارجها.
تمثل زيارة وزراء تحالف دول الساحل لموسكو ظهور ملامح وآفاق لشراكة عميقة تقوم على المنفعة المتبادلة، فهذه الكونفدرالية ستتحول سريعاً إلى نموذج جديد في القارة الأفريقية، ونزعة موضوعية نحو تجميع القوى في مواجهة المخاطر المحتملة، ولا يغيب عنا أن نجاح هذه التجربة لن ينعكس على الدول الثلاث فحسب «بوركينا فاسو، مالي، والنيجر» بل سيتحول سريعاً إلى نموذج صالح، وقابل للتطوير في مناطق مختلفة في أفريقيا، ويبدو واضحاً أن الظرف الدولي الحالي يسمح بنشوء هذه التجارب وتعميمها، فكان التفكير بخطوة مماثلة قبل عشر سنوات أقرب إلى محاولة انتحار جماعية، لكن خطوة كهذه تتمتع بحماية روسية صينية، إذ تستطيع القوى الصاعدة تأمين الأُكسجِين اللازم لنجاح التوجهات الاستقلالية لدول أفريقيا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1221