قلق في التيغراي... انهيار اتفاق السلام أم أزمة جديدة؟
كنان دويعر كنان دويعر

قلق في التيغراي... انهيار اتفاق السلام أم أزمة جديدة؟

تشهد منطقة تيغراي الإثيوبية تطورات خطيرة، قد تُعيد اشتعال الصراع الذي هدأ مؤقتاً بفضل اتفاق بريتوريا للسلام عام 2022. فوفقاً لإدارة الولاية المؤقتة التي تم تشكيلها في 2023، قامت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي (TPLF) مؤخراً باستئناف الأعمال العدائية، مُتهمةً بالتخطيط لانقلاب عسكري وانتهاك الاتفاق.

اتهمت الإدارة المؤقتة قادة الجيش الإقليمي التابع للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بتنفيذ «خطوات انقلابية» منذ 23 كانون الثاني 2025، بهدف الإطاحة بالسلطات المحلية. كما نفذ الجيش سلسلة من الهجمات على المدنيين منذ 5 آذار، مما يثير مخاوف من تصعيد محتمل مع الحكومة الفيدرالية. هذه التحركات، وفقاً لإدارة تيغراي، تُعتبر «غير مسؤولة وغير مقبولة»، وتدعو إلى رفض أوامر القيادة العسكرية لحماية السكان من خطر داهم.
جاء هذا التصعيد بعد أن علّقت الحكومة الفيدرالية في شباط الماضي أنشطة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بسبب عدم التزامها بالبنود الرئيسية لاتفاق السلام، بما في ذلك تسليم الأسلحة وإعادة دمج القوات. وقد أدى هذا التوتر المتزايد إلى تعقيد العلاقات بين المركز الفيدرالي والإقليم، حيث لا تزال عملية إعادة الإعمار تسير ببطء، فيما تبقى قضايا الحدود المتنازع عليها مع ولاية الأمهرة غير محلولة.
تعود جذور الأزمة إلى صراع استمر عامين (2020-2022)، وأدى إلى مقتل 600 ألف شخص، ونزوح الملايين في شمال إثيوبيا. وعلى الرغم من الجهود الدولية لإنهاء الحرب عبر اتفاق بريتوريا، فإن التوترات ظلت قائمة بسبب التباينات العميقة حول السلطة والهوية. الجدير بالذكر أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي كانت القوة السياسية والعسكرية الرئيسية في البلاد منذ 1991 حتى عام 2018، عندما بدأت حكومة آبي أحمد بإزاحتها عن السلطة. خلال فترة هيمنتها، حققت إثيوبيا نجاحات اقتصادية كبيرة، حيث زاد الناتج المحلي الإجمالي للفرد ثلاث مرات بين عامي 1991 و2018، لكن موجة الاحتجاجات الشعبية ضد هيمنة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بين 2015 و2018 أجبرت النظام على الانسحاب التدريجي.

تبرز اليوم بشكل أكبر الحاجة إلى الاستقرار، وتجنب التصعيد، وخاصة على الصعيد الإنساني، حيث تعتبر المنطقة على حافة كارثة إنسانية، ولكن يبدو أن هناك عناصر تفجير لم يجرِ حلها في الاتفاقات والتغييرات السياسية في إثيوبيا جميعها، ولم يتم تجاوز الانقسامات العرقية، بل كان يتم الاتفاق وتقديم الحلول السياسية للأزمات بين القوميات نفسها، وبشكل يحافظ على حالة الانقسام ولا يتجاوزها تجاه بناء نظام سياسي يقوم بصهر هذه القوميات، للوصول إلى اتفاق يوحد أبناء البلد، ويمنع التدخلات الخارجية، وهذه المهمة ستبقى المهمة الاساسية للسلطة الحالية، أو أي سلطة مستقبلية لضمان منع جر البلاد نحو الفوضى مجدداً.
في ظل هذه المعطيات، تبرز أهمية الحوار الوطني الشامل كوسيلة لمعالجة الأزمات العميقة الجذور. فالإثيوبيون، بمكوناتهم المختلفة، يحتاجون إلى بناء نظام سياسي جديد، يضمن التمثيل العادل، ويضع حداً لدوامة العنف التي تهدد تماسك الدولة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218