الصين … قدرة متزايدة على الساحة الدولية
في الآونة الأخيرة، يظهر أن لدى الصين نيّة وأرضية مادية تسمح بتأدية دور أكبر في الإقليم وكانت صافرة بدء تعادل قنبلة من العيار الثقيل، ونقصد هنا استعادة العلاقات السعودية- الإيرانية وهذا ما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل نشهد حضوراً صينياً أكبر في قضايا الشرق الأوسط؟ أم أن الصين منشغلة اليوم في مسائل أخرى أكثر تأثيراً على أمنها القومي؟
لا يمكن إغفال أن القضايا الدولية شديدة التشابك فيما بينها، ويخطئ البعض عندما يرون أن مصالح الصين تنحصر بما يجري على حدودها، فصحيح أن المسائل الأقرب قد تكون موضوعة على جدول لا يقبل التأجيل، لكن ذلك لا يعني أن ما يجري في الشرق الأوسط لا يؤثر على مصالح الصين، بل أيضاً على أمنها الوطني، فالصين قوى عظمى لها امتداد قاري كبير في آسيا، وتعتمد على منافذ وشبكات برية هي شريان حياة الصين، وفضلاً عن كون المنطقة هي سوق أساسي للبضائع الصينية، هناك أيضاً مسألة أخرى ترتبط بحاجة بكين إلى موارد طاقة متزايدة، ولا يغيب عن أحد دور منطقتنا المحوري في تأمين جزء أساسي من هذه الاحتياجات، هذا بالإضافة إلى أن الاقتصادات الناشئة في المنطقة يُمكن أن تتحول مع الاقتصاد الصيني إلى شبكة واحدة حيوية، يجري ضمنها تبادل الخبرات والتكنولوجيا والبضائع ويتشارك الجميع بالمنافع.
من هذا الباب، يظهر أن الصين وخلال الأشهر القليلة الماضية بدأت تزيد من وتيرة تصريحاتها ونشاطها بخصوص الشرق الأوسط عموماً، والقضية الفلسطينية بالتحديد، نظراً لكون حل هذه القضية هو مفتاح أساسي لاستقرار المنطقة، ولكن وحتى اللحظة لا يزال الوزن الصيني على الساحة العالمية مكبّلاً إلى حد كبير، أو بالحد الأدنى لا يوجد تناسب بين دورها السياسي وحجمها الاقتصادي، لكن هذه الحالة هي مؤقتة بالتأكيد، ويجري حالياً رسم الاتجاهات العامة، ولكن من الجدير بالذكر هنا، أن الصين تبدي اهتماماً متزايداً في قضيتين حيويتين، الأولى: هي العمل على الحفاظ على نسب نمو مرتفعة تقدر بحوالي 5% للعام القادم، بالإضافة إلى زيادة في الإنفاق العسكري بحوالي 7% عن الميزانية السابقة، وهذا ما جرى في العام الماضي، وما سيجري في العام القادم، فتقدر ميزانية الدفاع الصينية بحوالي 292 مليار دولار، بمقابل 895 مليار تنفقها الولايات المتحدة، لكن هناك عاملاً آخر لا يظهر على السطح كثيراً، وهو تحديداً انخفاض تكاليف الإنتاج في الصين بالمقارنة مع الولايات المتحدة، وقدراتها الصناعية الجبارة التي تسمح لها بإنتاج سريع يتفوق على الولايات المتحدة، حتى في ميادين تطوير الأسلحة المتطورة، فعلى سبيل المثال: تستطيع الصين أن تنتج في 292 مليار دولار، حوالي 53 حاملة طائرات في مدة 4 إلى ست سنوات، بينما لا تستطيع الولايات المتحدة أن تنتج في الميزانية ذاتها سوى 22 حاملة طائرات في خلال 5 إلى 7 سنوات.
الصين قادرة بالمحصلة على ضمان دور أكبر على الساحة الدولية، وبشكل متسارع، ما يعني أن تكرار إنجازات من نمط استعادة العلاقات السعودية الإيرانية ليست مسألة بعيدة المنال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1217