إنّه صراع بقاء... بين الكيان الصهيوني ودول المنطقة!
يحاول الكيان الصهيوني- انطلاقاً من أزمته الوجودية- كل استطاعته إفشال مفاوضات غزة والعودة إلى الحرب، أو فرض مشروع تهجير سكّان قطاع غزة نحو مصر والأردن، وبالتوازي مع ذلك يعمل على تقسيم سورية، وتفجير المنطقة بأسرها.
أعلنت رئاسة الوزراء «الإسرائيلية» يوم الأحد: أن نتنياهو قرر وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك رداً على رفض المقاومة الفلسطينية قبول مقترح مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، بوقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان، مقابل إطلاق سراح نصف الرهائن، وهي الورقة التفاوضية الرئيسية للمقاومة الفلسطينية، والتي من المفترض أن تكون جزءاً من مرحلة ثانية رسمياً، وليست جزءاً من مقترح جانبي.
وفقاً لذلك، يحاول الكيان الصهيوني إثارة الاستفزازات بكل استطاعته، فبالتوازي مع ضغطه على قطاع غزة، يشن حملات وهجمات على الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويتعمد إثارة استفزازات مرتبطة بالمسجد الأقصى.
ويقول الكيان الصهيوني صراحة: إن احتمالات العودة إلى الحرب أعلى من احتمالات إتمام الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية، ذلك أنه يسعى للحرب فعلاً بهدف رئيسي هو: منع مشروع إقامة الدولة الفلسطينية. والخيار الوحيد الآخر المتوفر أمامه، هو طرد الفلسطينيين من أراضيهم للهدف نفسه.
في هذا السياق، قدْم زعيم المعارضة «الإسرائيلية» يائير لابيد عرضاً لمصر، بشطب ديونها البالغة 155 مليار دولار إذا ما وافقت على السيطرة على قطاع غزة وإدارته لفترة 15عام مقبلة، وهو ما يعني صيغة ملطّفة أكثر لقبولها تهجير سكّان قطاع غزة، فضلاً عن تحمّلها مسؤولية القطاع بمواجهة الكيان الصهيوني.
كذلك، إنّ هذا الطرح يستهدف ضمناً الرأي العام المصري، الذي يعاني الأمرّين نتيجةً للفقر وسوء الأوضاع المعيشية عموماً، بهدف إثارة وتقليب الشعب المصري ضد بعضه البعض، بإطار فوضى تضغط على النظام المصري من الداخل.
وإذا لم تنجح أيّ من خطط الكيان، وهو ما تسعى شعوب المنطقة له، وتقاومه، فإن أزمته ستنفجر داخلياً بوجهه، وهو ما تحاول إدارته التحكّم بها قدر الإمكان، بما فيها تفاصيلها المتعلقة بعمليات تسليم الأسرى «الإسرائيليين»، حيث منعت الحكومة «الإسرائيلية» تصويرهم، وفرضت قيوداً على ذلك، في محاولة لتأريض تأثير المشاهد المتعلقة بهم أو أحاديثهم، حول المقاومة الفلسطينية، وخاصة مزاعم القضاء عليها التي تبيّن زيفها.
أمام ذلك كلّه، تتوجه الأنظار نحو الإدارة الأمريكية ومواقفها، لما لها من تأثير مفتاحيّ لمجرى تطور الصراع. وبطبيعة الحال، يُعدّ الكيان أداةّ أساسية واستراتيجية لواشنطن في المنطقة، إلا أن واشنطن بإدارتها الجديدة، كانت هي من فرضت على حكومة نتنياهو قبول الاتفاق ووقف الحرب، وتحاول الآن الضغط لتهجير الفلسطينيين، ومنح الكيان تصريحات داعمة إعلامية وسياسية، وحتى عسكرية، بالحديث عن مساعدات تسليح بقيمة 4 مليارات دولار، لن تبدأ حتى عام 2026، إلا أن ذلك كله يبقى «فقاعات هواء» كسابقاتها القديمة من «اتفاقات ابراهام» و«الاعتراف بالقدس عاصمة [إسرائيل]» و«نقل السفارة الأمريكية» و«الاعتراف بالجولان أراضٍ [إسرائيلية]» وما شابهها من مواقف وإعلانات سياسية إعلامية لا تؤثر على الواقع شيئاً حقيقياً.
أي أنّ واشنطن، ورغم صدق نواياها تجاه «الكيان الصهيوني» إلا أنّ واقعها وأزمتها هي الأخرى تمنعها عن تقديم أي مساعدة حقيقية له، فبمقابل هذه التصريحات السياسية «الناريّة» كلها، الواقع العملي يقول: إنها فرضت عليه قبول الاتفاق، وإنها تمضي نحو سحب قواتها العسكرية من المنطقة مما يؤدي لإضعافه، وصولاً لاحتمال التخلْي عنه في نهاية المطاف، شأنه بذلك، شأن أوكرانيا.
وضمن هذا السياق، وقبل وصول الطريق لنهاياته، يحاول الكيان الصهيوني ما بوسعه لتفجير الأمور والاستفادة منها، في المقابل، تحاول دول المنطقة ما بوسعها مقاومة الاستفزازات و«الصبر» والتقدّم بالنقاط، وعدم الانجراف لمستنقعه، فيغرق به وحده.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1216