ترامب... خفضٌ للإنفاق العسكري وعِداء للصين بآنٍ واحد
أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدة تصريحات حول أوكرانيا، والعلاقة مع روسيا والصين تحديداً فيما بتعلق بالإنفاق العسكري والأسلحة النووية، كما اتصل وزيرا خارجية موسكو وواشنطن، واتفقا على ضرورة استعادة الحوار بين البلدين.. فهل نشهد خطوات عملية نحو سلم عالمي؟
بات من المعروف أن ترامب «متحدّثٌ نشط»، يكاد لا يمر يوم دون أن نسمع تصريحاً لافتاً من العيار الثقيل يصدر عنه، ووعودأ كثيرة بقضايا وملفاتٍ شتى، كل كلمةٍ منها تحتاج دراسةّ لمعرفة حقيقتها وغاياتها، وزمناً لتطبيقها فضلاً، عن نجاحها من عدمه.
ما لا خلاف عليه، أن ترامب حالياً يمثل اتجاهاً عقلانياً إلى حدٍ ما فيما يتعلق بالحروب المشتعلة دولياً، أو على الأقل خفض التصعيد، وذلك لإدراكه وتياره أن نهاية هذا الطريق تعني حرباً نووية، قد تؤدي إلى الفناء على حد وصفه، فضلاً عن الأموال الباهظة التي يمكن أن تنفق بهذا الإطار. لكن ذلك يعني أن كل ما دون هذا السقف، ممكن: حروب هجينة، وحروب تجارية، وخصومات سياسية، الخ.
ضمن هذا السمت، يسعى ترامب لوقف الحروب المباشرة، أو غير المباشرة، والمكلفة، التي تنخرط بها واشنطن دولياً في أوكرانيا والشرق الأوسط وغيرها، وخفض التصعيد دولياً لخفض التكاليف الباهظة سواء في «سباق التسلح» أو للقوات المنتشرة في الخارج وإعادتها، واستثمار هذه الأموال في الداخل الأمريكي أولاً، ويوضح عند كل مناسبة، ان خصمه الدولي الرئيسي هو الصين، ومن ذلك، يسعى للتقارب مع موسكو بعد تسوية الخلافات الرئيسية، والتفرّغ لبكين، وضمن هذا التوجه يأمل بصنع صدعٍ ما بالعلاقات الروسية الصينية وفصلهما.
وعليه، وبعد تجربة مرّة خاضتها واشنطن، يمضي ترامب بخطى سريعة نحو حل الملف الأوكراني، ويقول صراحةً: «لا أرى أي طريقة يمكن بها لدولة في موقف روسيا أن تسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو. أعتقد أن هذا هو السبب وراء بدء الحرب» ويتفق وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأمريكي ماركو روبيو للتحضير للقاء بوتين وترامب، واستعادة الحوار بين البلدين، القائم على الاحترام المتبادل.
كذلك فإن واشنطن التي فضّت العديد من اتفاقات التسلح الدولية قبل سنوات، عادت اليوم بظروف جديدة ويدعو رئيسها لعقد قمة ثلاثية لواشنطن وموسكو وبكين، للاتفاق على تقليص الإنفاق العسكري للنصف، ومناقشة نزع السلاح النووي على المدى الطويل، إلا أن هذا الطرح حالياً لا يعكس سوى مصلحة الولايات المتحدة، وربما يمثل أول خطوة جادة من وجهة نظر واشنطن لمحاولة تخريب العلاقات الصينية-الروسية عبر تظهير تباين بينهما بهذا الملف: فمن حيث المبدأ وضمن الظرف الراهن، ربما لا مانع لموسكو من المضي بهذا الأمر، لكن قد تكون لبكين حسابات أخرى ،تشترط أولاً تغييراً بطبيعة الولايات المتحدة وانخراطها بالعالم الجديد، والعلاقات الدولية القائمة على التكافؤ والتكامل والتنافس العادل، أما اعتبارها لبكين خصماً رئيسياً، ومرشحاً لأن يصبح «عدواً»، واستمرار الضغط على ملف تايوان، والانتشار العسكري الموجود على تخومها وغيره، آنياً واستراتيجياً، فإن الملف العسكري الصيني سواء من حيث رفع الكفاءة والتسليح، أو التدريب وتطوير قدرات الردع النووية، يعد أمراً لا يمكن التراجع عنه في بكين، دون ضمانات أمنية على توازنات القوى.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1214