الجيش السوداني يتقدم ويوسع تفاهماته مع دول الشرق
شهد السودان خلال الفترة الأخيرة تطورات ميدانية وسياسية بارزة، حيث حقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً على الأرض، خاصة في العاصمة الخرطوم. هذه التحركات جاءت في ظل استمرار الصراع مع قوات الدعم السريع، الذي دخل عامه الثاني منذ اندلاع الحرب في نيسان 2023. وفي الوقت نفسه، برزت تطورات استراتيجية جديدة تمثلت في توقيع اتفاق بين السودان وروسيا لإنشاء قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان، وهو ما يعكس أهمية السودان الجيوسياسية، ودورها المحوري في منطقة البحر الأحمر.
التقدم الكبير للجيش السوداني
في الأشهر الأخيرة، أظهر الجيش السوداني قدرة ملحوظة على استعادة السيطرة على مناطق حيوية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع. ففي كانون الثاني الماضي، استعاد الجيش مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، قبل أن يتقدم بشكل كبير في العاصمة الخرطوم. وكان من أبرز الإنجازات السيطرة على مقر القيادة العامة في الخرطوم، الذي كان نقطة محورية لقوات الدعم السريع منذ آب 2023. كما نجح الجيش في فك الحصار عن مصفاة الجيلي النفطية شمال الخرطوم، وهي الأكبر من نوعها في البلاد.
على صعيد آخر، حقق الجيش تقدماً مهماً في ولاية شمال دارفور، حيث سيطر على مواقع استراتيجية في مدينة الفاشر، التي تعد مركزاً حيوياً في غرب البلاد.
وعكست هذه التحركات تصميماً واضحاً من الجيش على استعادة السيطرة الكاملة على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وفقاً لما أكد عليه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي شدد على أن القتال سيستمر حتى تحقيق هذا الهدف.
البعد الاستراتيجي للاتفاق مع روسيا
في سياق متصل، أعلنت الخرطوم وموسكو مؤخراً عن اتفاق بشأن إنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، وهي خطوة ذات أبعاد استراتيجية كبيرة. وأكد وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، أن البلدين «متفقان تماماً» حول المشروع، الذي يُعتبر جزءاً من خطة أوسع لتعزيز التعاون العسكري والاقتصادي بين الجانبين.
القاعدة العسكرية الروسية، التي ستكون قادرة على استيعاب ما يصل إلى 300 عسكري وأربع سفن حربية، تمنح روسيا حرية أكبر في التنقل داخل البحر الأحمر، أحد أكثر الممرات البحرية حيوية في العالم. ووفقاً للصياغة الأولية للاتفاق، فإن القاعدة ستظل قائمة لمدة 25 عاماً قابلة للتجديد، مما يشير إلى التزام طويل الأمد من الجانبين.
من الناحية الاستراتيجية، يأتي هذا الاتفاق في وقت تسعى فيه روسيا إلى تعزيز وجودها في أفريقيا، خاصة في المناطق ذات الأهمية الجيوسياسية، مثل: البحر الأحمر. ومن جهة أخرى، يبدو أن السودان يسعى لاستغلال موقعه الجغرافي كرافعة لتحسين علاقاته الدولية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع التعدين الذي يعتبر من أولويات التعاون بين البلدين.
في النهاية، يمكن القول: إن السودان يحاول استغلال موقعه الجغرافي لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، لكنه يواجه تحديات كبيرة تتطلب تحقيق الاستقرار الداخلي أولاً. وإذا نجحت الخرطوم في تحقيق هذا الاستقرار، فقد تصبح القاعدة الروسية نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي.
الاتجاه السوداني يتضح
منذ بدأ الجيش السوداني يحقق تقدماً عسكرياً كان واضحاً أن هناك توافقات إقليمية ودولية، بل إن بعض التقارير الغربية تتحدث عن دعم عسكري يحصل عليه البرهان من روسيا وإيران إلى جانب الدعم المعلن من الجانب المصري، وهو ما قد يفسر بدء الضغط الأمريكي على الجيش السوداني، بعد اتهامه بتنفيذ عمليات ضد مدنيين، بالإضافة إلى ما نقلته نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين حول استخدام الجيش أسلحة كيميائية خلال المعارك، وهو ما نفاه وزير الخارجية السوداني علي يوسف مؤخراً. ويرتبط الضغط الأمريكي بطبيعة التوجهات السودانية الأخيرة التي تنسجم مع دول الشرق، وتبني معها شراكات أكثر متانة من السابق، لا في مجال الأمن والتسليح فحسب، بل أيضاً في إعادة إعمار البنية التحتية النفطية في البلاد، وهو ما أكده وزير الطاقة والتعدين السوداني محيي الدين نعيم على هامش مؤتمر أسبوع الطاقة الهندي في 13 شباط الجاري.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1214