الكيان الصهيوني يعضّ نفسه ألماً: نريد الحرب والتهجير...
يحاول الكيان الصهيوني بكل استطاعته إفشال الهدنة بمرحلتها الثانية، والعودة إلى الحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة بالدرجة الأولى، ويضغط باتجاه تهجير الفلسطينيين بشكل شبه كامل من قطاع غزة نحو مصر والأردن.. فهل سيتمكن من تحقيق ذلك؟
الملف الفلسطيني على مفترق طرق واضح، فإما أن تُقام الدولة الفلسطينية، أو أن تستمر الحرب بهدف معلن وهو تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
محاولات لإفشال الهدنة!
خلال الأسبوع الماضي على الأقل، أعطى الكيان إشارتين واضحتين برغبته افشال الهدنة الحالية مع ما تتضمنه من خسائر سياسية كبرى له، ومتابعة الحرب، الأولى: تغيير رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو لرئيس وفد المفاوضات بالوزير المتطرف ديرمر، وهو من المقربين لنتنياهو، وأحد أصحاب ورعاة فكرة تهجير الفلسطينيين بالكامل، وهذا التغيير يهدف لعرقلة الجولة الثانية من المفاوضات التي من المقرر أن تبدآ في الأيام المقبلة.
أما الإشارة الثانية الواضحة: كانت اجتماعاً أمنياً قاده نتنياهو لبحث خيار متابعة الحرب على قطاع غزة، ووضع خططاً عسكريةً لها بهدف تهجير الفلسطينيين.
في المقابل، يحاول ترامب جس نبض هذا الهدف في دول المنطقة ومدى إمكانيته، والحقيقة، أن كليهما واجها ويواجهان ردوداً حاسمة برفض هذا الطرح، بدءاً من مصر والأردن مروراً بدول الإقليم والمنطقة كلها، والدفع نحو نقيضه بإقامة الدولة الفلسطينية، وإحلال «السلام المستدام»، بدعم دولي واسع وكبير.
يرفض الكيان الصهيوني تماماً موضوعة إقامة دولة فلسطينية، بينما ترفض دول الإقليم والمنطقة كافة، ومعها أغلبية الدول العالمية، استمرار الحرب وتهجير الفلسطينيين، لما يعنيه ذلك من توتيرات أكبر وأوسع، ومن جهة ثانية معرفة أن طريق الحرب الصهيونية لن تقف بعد «التهجير» الجديد الحالي، بل ستستمر لأزمات وحرب وتهجير أخرى، لا تنتهي بل ستطال و/أو تنعكس على دول المنطقة.
وعلى رأس الرافضين لهذا الأمر في المنطقة العربية، ومن لهم مصلحة بإقامة الدولة الفلسطينية، وممن تمتلك وزناً جدياً: مصر والسعودية والأردن وقطر، وإقليمياً: تركيا وإيران، ودولياً: روسيا والصين، وجزء كبير من الدول الأوروبية.
بينما الطرف الوحيد الذي يدفع ويريد المضي باتجاه الحرب والتهجير، هو الكيان الصهيوني، مع بعض المتشددين الأمريكيين، وبعض المتشددين الأوروبيين.
المصالح الأمريكية أولاً
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، كدولة، وانطلاقاً من مصالحها الموضوعية بصرف النظر عن الادارة، فمن المستبعد دعم الكيان الصهيوني بهذا الشكل إلى ما لا نهاية، وتصوّر أن واشنطن لا تمتلك مصالح سياسية واقتصادية تسعى للحفاظ عليها مع الدول سابقة الذكر يعد خطأ، والخطأ الثاني تصوّر أن حرباً إقليمية أوسع لن تنعكس عليها أيضاً، على الأقل اقتصادياً-تجارياً بشكل كبير، وسط أزمتها الجارية أساساً.
وفي ميزان المصالح، بالربح والخسارة، فإن السؤال حول الطرف الأهم بالنسبة للولايات المتحدة، خسارة «إسرائيل» أم دول المنطقة والاقليم مجتمعين، فإن الإجابة تفرض نفسها تدريجياً، ناهيك عن أن خسارة هذه الدول تعني وبشكل تلقائي دفعها للاصطفاف سريعاً ومباشرة مع خصوم واشنطن في الشرق، وبالتالي وزناً أكبر لهم.
وعليه، فإن الميل لا يزال هو نفسه الذي فرض على تل أبيب القبول بالاتفاق، ومن المرجح أن يفرض عليها المضي بالجولة الثانية والثالثة وتنفيذهما، وصولاً لإقامة الدولة الفلسطينية.
هذا لا يعني أن الأطراف المتطرفة والمتشددة، الكيان الصهيوني وبعض الأوروبيين والأمريكيين، لن يستمروا بمحاولاتهم التصعيدية والحربية، إلا أن مدى نجاحهم أولاً، وقدرتهم على استمرار وجودهم ثانياً، تعد مسألة بحث.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1212