لِمَاذا يُماطل الكيان الصهيوني في المفاوضات حول غزة؟

لِمَاذا يُماطل الكيان الصهيوني في المفاوضات حول غزة؟

يستمر العدو الصهيوني بارتكاب جرائمه ومجازره يومياً بحق الشعب الفلسطيني الصامد، وبينما تتوجه الأنظار لمفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الجارية، أملاً بوقف معاناة الفلسطينيين، تمر الأيام والأسابيع بين أخذ ورد سياسيّ، وبعد كل تقدّم تصدر إشارة مغايرة تفيد بوجود عقبات في المحادثات، فهل تكمن المشكلة في المفاوضات بعينها حقاً، أم أن «إسرائيل» تتلاعب بالوقت؟

يضرب العدو الصهيوني القوانين والأعراف والأخلاق الإنسانية والسياسية والدبلوماسية والقانونية كلها عرض الحائط، ويوسع من جرائمه بحق الشعب الفلسطيني بشتى الأشكال، وتحديداً في قطاع غزة، من القتل المباشر بالرصاص والقنابل والقصف، إلى الحصار الاقتصادي بالمستويات كلها: غذاء وماء ودواء وطاقة، مروراً بتدمير البنية التحتية، وبالأخص منها قطاع الصحّة، وكل يوم تحدث مجزرة جديدة، كان آخرها حرق مستشفى كمال عدوان بمن فيها من مرضى وكوادر طبّية.
يسعى العدو الصهيوني وتكمن مصلحته، بإطالة أمد الحرب وتوسيع رقعتها قدر الإمكان، أكان بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر الحروب الهجينة: قطاع غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وسورية، والعراق، وإيران، وفي سياق ذلك كله فإن تركيا ومصر مستهدفتين كذلك الأمر.

الكيان يُعادي العالم كلّه

ضمن هذا الطريق، يعتدي الكيان على العالم بأسره، ممثلاً بـ مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بجمعيتها العامة ومؤسساتها، ومحكمة العدل الدولية، ومن آخر تلك التعديات تهجمه سياسياً ودبلوماسياً على بابا الفاتيكان نفسه، الذي وجه انتقادات للكيان الصهيوني، وأضاء على جرائمه الوحشية اللاإنسانية في قطاع غزة بحق المدنيين رجالاً ونساء وأطفال.

يمكن القول: إن العالم بأسره، عربياً ودولياً، بات صفاً واحداً بالضد من الكيان الصهيوني بوجوده ومشروعه الحربي والفوضوي، وبانعكاساته على دول الجوار وغيرها، ولولا دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غير المشروط للكيان الصهيوني، واتفاقيات الدفاع فيما بينهم، سواء المعلنة رسمياً أم غير المعلنة، لكان اقتُلع من جذوره بالقوّة وبشكل خاطف.
مثل هذا الوضع الدولي، يسبب ضغطاً على الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقتها بحلفائها والمقربين منها، فاستمرار الإجرام والتوتير الصهيوني بهذا المستوى وبرعاية أمريكية، يدفع هذه الدول تدريجياً للتخلي عن الولايات المتحدة، والتعاون مع من يواجهها على المستوى الدولي، بدافع الحماية وتقاطع المصالح: الصين وروسيا بشكل رئيسي.
وهنا تبرز الأزمة الأمريكية ويبرز التناقض، ويشتد، فإما أن تتخلى عن «أصدقائها» أو تُوقف التوحش الصهيوني، والتخلي عن الأخير بنهاية المطاف، بما يعنيه ذلك من الرضوخ لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
إلا أن مثل هذا الحل يشكل أيضاً تناقضاً مباشراً مع الكيان بأساساته ووظيفته ومشروعه الحربي والتوسعي والاستيطاني في المنطقة.

ماذا لو توقفت الحرب؟!

بالعودة إلى الكيان نفسه، فإن إنهاء الحرب على غزة سيضع الحكومة الحالية أمام استحقاقات ومحاسبة، خاصة أنها لم تحقق أهدافها، وستنفجر بوجهها داخلياً المشاكل السياسية والأمنية كلها التي تراكمت منذ 7 أكتوبر، وهي أزمة مشابهة لوضع زيلينسكي في أوكرانيا، فإنهاء الحرب يعني إنهاء نتنياهو وحكومته ومحاسبتها.
في هذا الإطار والحال كله، تأتي المفاوضات الجارية بين «إسرائيل» والمقاومة الفلسطينية. والتي إذا ما كانت هناك إرادة سياسية لإيقاف الحرب، لتمّت المفاوضات، واتُفق على النقاط جميعها بساعة واحدة: وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وكيفية وشروط انسحاب جيش العدو من غزة ومحور فيلادلفيا الخ.

وعليه، ما يجري الآن يمثل مماطلة، وإذ تدل على شيء فهي محاولة من حكومة نتنياهو ومن يتقاطع معها في المصلحة وبالأزمة في الولايات المتحدة، على المناورة قدر الإمكان على عامل الوقت، وبسياقه استمرار مساعي التخريب والحرب بأكبر قدر ممكن، أملاً بحدوث انفجارٍ ما في المنطقة يحقق الهدف العام: حرب هجينة شاملة تغير وجهها، فهل ستتمكن من إنجاز هذه المهمة قبل فوات الأوان؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1207