قضايا الشرق .. من 2024 إلى 2025
بدا واضحاً منذ بداية 2024 أنه سيكون عاماً حافلاً، فالحرب في غزّة كانت تستعر وتمتد إلى منطقة أوسع، وفي أوروبا كانت الحرب في أوكرانيا مستمرة لا تتوقف، وتدخل طوراً جديداً، وشغلت أزمات بهذا الحجم العالم، وتحديداً كون ما يجري في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط يعتبر بمثابة اختبار حقيقي وواضح لموازين القوى العالمية، ولا نبالغ إن قلنا: إن شكل تطور هذه الملفات سيحدد إلى حد كبير شكل تطور المرحلة القادمة على المستوى العالمي.
في أوكرانيا مثلاً: يتحدد الآن تاريخ القارة الأوروبية وطبيعية علاقتها مع الولايات المتحدة، ومستقبل حلف الشمال الأطلسي، بالإضافة إلى طبيعة العلاقات التي تربط دول القارة الأوروبية فيما بينها، فيرى مثلاً جون ميرشايمر بروفيسور العلوم السياسية ومنظر المدرسة الواقعية: أن الوجود الأمريكي في القارة الأوروبية ودورها منذ الحرب العالمية الثانية هو الرابط الأساسي الذي يمسك هذه المنطقة بشكل موحد، ويرى أن انكفاء الولايات المتحدة ستكون له آثار دراماتيكية على الواقع والخريطة في أوروبا. ومن هذا الباب بالتحديد يبدو أن العام 2025 سيحسم في الغالب نتيجة الحرب، ونبدأ في رؤية النتائج السياسية لها.
في غزّة عملت الولايات المتحدة على استثمار الكيان الصهيوني بهدف تحويل 7 أكتوبر إلى صاعق تفجير كبير يقلب المنطقة رأساً على عقب، ويدخلنا في دائرة عنف موسعة تشمل دول الإقليم الأساسية، مثل: السعودية ومصر وتركيا وإيران، لكن وبرغم قسوة الحرب لم يستطع صقور واشنطن تحقيق هذا الهدف، وتتضاءل فرصه يوماً بعد آخر، فالهدف من الحرب لم يكن تدمير قطاع غزة أو توجيه ضربات لحزب الله، أو احتلال أجزاء جديدة من الأرض، بل كان ذلك كله فرصٌ على الهامش حاول جيش الاحتلال اغتنامها، لكن في الواقع سيخرج الكيان من الحرب الأطول في تاريخه مأزوماً في واقع أصعب، والأهم أن المنطقة تتجه إلى طريق مخالف لإرادة الولايات المتحدة و«إسرائيل».
ما جرى في سورية مثلاً، وإن كان لم يتضح بعد، إلا أنه سيقطع الطريق على استراتيجية المستنقع التي عبر عنها جيمس جيفري سابقاً، وإذا ما استمرت التطورات في سورية باتجاه التوافق وحل الأزمة السياسية، فهذا يعني أن إمكانية تحقيق استقرار إقليمي باتت أقرب، ولم تبق سوى عقبة واحدة تتمثل في الكيان الصهيوني، ورغم كونها عقبة كبيرة، لكن الظرف المتوتر في الإقليم كان يؤجل طرحها على الطاولة، وما أن يستقر التوازن الإقليمي ستجد «إسرائيل» نفسها أمام قوى إقليمية متوافقة فيما بينها، تدرك مصالحها، وتعمل على بناء علاقات مع شركائها، والأهم من ذلك: أن دول الإقليم ستكون للمرة الأولى في التاريخ الحديث بعيدة عن الهيمنة الغربية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1208