هل تتحول أوكرانيا في 2025 إلى هزيمة جماعية للغرب؟
تدل المؤشرات كافة، أن الصراع الروسي الأوكراني يمضي نحو تسويته وحله في عام 2025، وذلك على الرغم من كل محاولات التصعيد التي يقوم بها النظام الأوكراني مؤخراً... لكن، تبقى احتمالات التفجير الواسع قائمة حتى تحقيق هذا الأمر.
بات «تنازل أوكرانيا عن أراضيها الشرقية» دونيتسك ولوغانسك، وعدم الحديث أساساً عن شبه جزيرة القرم، أحاديث شبه طبيعية في وسائل الإعلام الغربية، كما يناقش الساسة الغربيون أوروبياً وأمريكياً هذه المسائل جدياً، بما فيهم الرئيس الاوكراني، الذي أعلن قبوله لهذا التنازل مقابل حلمه بـ غطاء للناتو على بقية الأراضي الأوكرانية.
إن هذا التحول السريع للخطاب الغربي من «تحرير الأراضي الأوكرانية كافة» إلى «هدنة» وأخيراً إلى «التنازل عن هذه الأراضي» يشير بحد ذاته إلى حجم التراجع والهزيمة الغربية في هذا الصدد. وذلك بعدما غاب الحديث تماماً عن «خطة النصر» لزيلينسكي، وغياب الحديث عن أي «هجوم مضاد» آخر بعد فشل الأول.
وسط هذه الأحاديث والتراجع، وغياب أي مؤشرات عن هجوم مضاد أساساً، يسعى الرئيس الأوكراني مع المتشددين في الولايات المتحدة، وبعض المتشددين في أوروبا، إلى محاولات التصعيد، عبر استفزاز روسيا بضربات محددة وضاغطة في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، أملاً في جرّ موسكو إلى رد فعل عنيف ما يُعيد رصّ صفوف الغربيين من جهة، ويفرض على إدارة ترامب المقبلة استمرار مسار التصعيد نفسه.
فمؤخراً، وبالجانب السياسي والأمني شنت القوات الأوكرانية هجمات صاروخية جديدة داخل الأراضي الروسية، ومضت إلى اغتيال الجنرال الروسي ايغور كيريلوف، أما اقتصادياً فترفض كييف تمديد عقود الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر أراضيها، الأمر الذي لا يؤثر كثيراً على موسكو، إلا أنه يشكل ضغطاً جدّياً على أوروبا.
وعند كل فعل من هذا النوع، تتجهز أوكرانيا أمنياً واستخباراتياً إلى رد فعل روسي عنيف، دون جدوى، ويبقى الرد الروسي هو نفسه عملياً: حيث بات تحرير أراضٍ جديدة في شرقي أوكرانيا لصالح روسيا حدثاً شبه يومي، لتتقدم القوات الروسية بوتيرة سريعة، وفي المقابل نشهد انهيارات خطوط الدفاع الأوكرانية على طول خط الجبهة، ومن جهة أخرى انخفض وزن وحجم «هجوم كورسك» بما في ذلك سياسياً.
تحاول وسائل الإعلام الغربية تصوير روسيا على أنها مهزومة، تحضيراً للرأي العام الغربي، والإيحاء بأن التنازل عن الأراضي الأوكرانية لصالحها، يأتي من «موقع قوة»، لكن وبعيداً عن الصد والرد والجدالات الإعلامية والسياسية، فإن تحقيق أهداف موسكو من العملية العسكرية الروسية الخاصة التي أطلقتها في أوكرانيا، من عدمها، هو من يحدد هذا الأمر في نهاية المطاف، وما نشهده حتى الآن، أن موسكو تحقق أهدافها بنجاح، وشهدت أوروبا تغيرات سياسية هامة، صعدت وتصعد خلالها تيارات سياسية جديدة، تسعى لتطوير العلاقات مع موسكو بالضد من الرغبة الأمريكية والمصلحة الأوكرانية.
رغم ذلك كله، يبقى خطر التصعيد جدياً، فلا يزال بإمكان المتشددين والمتطرفين الأمريكيين القيام بأفعال استفزازية متهورة وخطيرة، قد تشعل حرباً واسعة النطاق، إلا أن ذلك يحدده مدى قدرة العقلانيين داخل الدول الغربية والولايات المتحدة على ردعهم عن القيام بذلك، وعليه، فإن 2025 سيشهد إما نهاية الصراع الأوكراني بهزيمة تاريخية للغرب مجتمعاً، وهو الاحتمال الأكبر، أو تصعيداً حربياً واسع النطاق يخسر به الجميع، وهو احتمال ضئيل إلا أنه يبقى قائماً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1206