الظروف تنضج تدريجياً لبدء مفاوضات جدية في أوكرانيا

الظروف تنضج تدريجياً لبدء مفاوضات جدية في أوكرانيا

ربما أن العد التنازلي قد بدأ لانتهاء الصراع في أوكرانيا موضوعياً، وباتت الظروف جاهزة لوقف إطلاق النار، وبدء مفاوضات روسية أمريكية-أوكرانية، إلا أن الأطراف المتشددة ضمن الولايات المتحدة، وأوروبا، والنظام الأوكراني، تحاول قدر الإمكان الاستفادة من الوقت المستقطع المتبقي، متأملةً إفشال هذه التطورات، وتفجير العالم بأسره!

يصرح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، منذ عام، أنه مستعد ومتأكد بقدرته على إنهاء الصراع الأوكراني «خلال يوم واحد»، وفق «عرض» جيد لكل من روسيا وأوكرانيا.
بعيداً عن المبالغات بالمدد الزمنية القصيرة، وأراء ترامب المسبقة الضامنة قبول روسيا لعرضه، إلا أن توجه إدارة ترامب واضح عموماً، وهو يهدف إلى وقف التمويل والمساعدات والصرف الأمريكي لأوكرانيا، وترك الساحة للدول الأوروبية في الحد الأدنى، وإنهاء الصراع في الحد الأعلى.
على غرار توجه إدارة ترامب، نشهد تيارات سياسية أوروبية صعدت وتسلمت الحكم في بلدان عدة، أو تصعد، وتدفع بالاتجاهات نفسها، وإذا ما جُمع ضغط هذه التيارات، مع ضغط تيار ترامب، وقبلهما الضغط الشعبي لإنهاء الصراع في أوكرانيا، فلا يبقى أمام الحكومات الأوروبية سوى طريق واحد، وهو الرضوخ وتقديم التنازلات، أو ستستمر هذه التيارات بالصعود والإطاحة بالتيارات المتشددة، بما يؤدي للنتيجة نفسها.
في أوكرانيا المشهد مختلف، والموقف أكثر تشدداً، فلا يمكن للنظام الأوكراني بقيادة زيلينسكي تقديم أيّ تنازلات دون ارتدادات كبرى عليه، تفضي إلى خسارته وانهياره، وهذا الأمر بالضبط ما يدفع للمزيد من التشدد والتطرف والتصعيد في المواجهة، ضمن حلقة تدور حول نفسها، وكان المخرج الوحيد الذي طرحه زيلينسكي، هو التخلي عن الأراضي الأوكرانية، مقابل دخول بقية البلاد لحلف شمال الأطلسي «الناتو» وهو طرح غير ممكن، أو مقبول بطبيعة الحال بالنسبة لموسكو وللـ «ناتو».
بالجانب العملي، تحاول هذه الأطراف المتشددة الدفع نحو التصعيد، وكان من آخرها الهجوم الأوكراني بصواريخ «اتاكمس» على مطار تاغانروغ العسكري في روسيا، ليأتي الرد الروسي حاسماً وقاسياً، باستهداف كبير للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن نصف البلاد تقريباً، وهو ما يسبب شللاً حقيقياً لجهاز الدولة ككل، بما فيه المؤسسة العسكرية كجزء منها.
وقد علّق ترامب على ذلك بالقول: «أختلف بشدة مع إطلاق صواريخ لمسافة مئات الأميال داخل روسيا. لماذا نفعل ذلك؟ [...] نحن فقط نصعّد هذه الحرب ونجعلها أسوأ» إلا أنه وفي الوقت نفسه أكد استمرار دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، بغاية الضغط على موسكو في إطار «حله» و«المفاوضات»، وقد أشاد الكرملين بتصريحات ترامب إيجاباً، وهو ما يعطي إشارة لوجود توافق ما، ما بين موسكو وواشنطن-ترامب.

أمام هذه التطورات والمتغيرات والضغوط في الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، بالمضي تجاه إنهاء الصراع الأوكراني وبدء المفاوضات، تكون المشكلة الأكبر لدى النظام الأوكراني بقيادة زيلينسكي، والذي إن لم يقبل أو غير قادر على القبول بالهزيمة، فلن يكون أمام الأوكرانيين والأوروبيين والولايات المتحدة بقيادة ترامب سوى تحييده بطريقة أو بأخرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1205