إرهابيون ينتقلون من مالي إلى أوكرانيا!
تشهد العلاقات بين مالي وروسيا تطوراً متسارعاً في عددٍ كبيرٍ من المجالات، وتحديداً بعد تورط عدد من الإرهابيين من مالي في الحرب الدائرة في أوكرانيا، ما يدل على أن محاولات الغرب للتأثير في مجرى الأمور في أفريقيا لا تزال قائمة.
في وقت سابق، أفادت وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مصادر عسكرية في الجيش المالي، بأن إرهابيين من تحالف الجماعات الانفصالية المسلحة في مالي (CSP- DPA ) توجهوا إلى أوكرانيا لتلقي تدريبات. وفي هذا السياق، صرّح وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، لوكالة نوفوستي، أن الحكومة المالية دعت مجلس الأمن الدولي، باعتباره الجهة الدولية المسؤولة عن حفظ السلام والأمن، إلى اتخاذ إجراءات حازمة تجاه هذه الأنشطة. وقال ديوب: «سيكون خطأً فادحاً من المجتمع الدولي أن يتخلى عن التزاماته في مواجهة مثل هذا الوضع».
وفي كلمة ألقاها خلال المؤتمر الوزاري الذي انعقد في روسيا هذا الشهر، أعرب ديوب عن استغرابه من سلوك أوكرانيا، قائلاً: «هذا السلوك غير مقبول إطلاقاً. لهذا السبب، خاطبنا مجلس الأمن الدولي، بالتنسيق مع بوركينا فاسو والنيجر، مطالبين بمحاسبة أوكرانيا وتحميلها المسؤولية». وأشار الوزير المالي إلى أن أوكرانيا قد لا تكون الطرف الوحيد المتورط، بل ربما تعمل كواجهة لقوى أخرى تسعى لاستعادة نفوذها في مالي عبر دعم الإرهاب. وأوضح: «نحن نعلم من يقف وراء هذا الدعم، وندرك أن بعض الشركاء الذين فقدوا نفوذهم في بلادنا يبذلون قصارى جهدهم للعودة من خلال استغلال أوكرانيا».
عن أهمية التعاون مع روسيا
في سياق آخر، أكد ديوب أهمية التعاون الأمني مع روسيا، مشيراً إلى أن مالي تعتزم توسيع هذا التعاون. وقال في تصريحات لوكالة تاس: «نحن سعداء للغاية بمستوى التعاون الروسي في قضايانا الأمنية، ونطمح إلى تعزيز هذا التعاون بشكل أكبر».
وأضاف ديوب، أن الدعم الروسي مكّن باماكو من زيادة إمكانات قواتها المسلحة، مما أدى إلى تحسن كبير في الوضع الأمني داخل البلاد. وبيّن أن التعاون مع روسيا يختلف جذرياً عن التعاون السابق مع فرنسا وشركاء آخرين، حيث كان هذا الأخير يعزز الاعتماد الخارجي بدلاً من تمكين الماليين من إدارة أمنهم بأنفسهم.
وأشار الوزير المالي إلى أن الشراكة مع روسيا تشمل تدريب الجنود، وتزويد القوات المسلحة بالأسلحة والمعدات العسكرية، وهو ما وصفه بأنه جزء أساسي من الاتفاقيات الثنائية، مؤكداً أن هذه الشراكة تُبنى على أساس تجاري وسياسي متوازن. كما صرح ديوب بأن مالي تجري تحقيقا مستقلاً في علاقات أوكرانيا بالإرهابيين، لكنها ستطلب المساعدة من روسيا إذا لزم الأمر.
«عودة المخلّص»
في حديثه لوسائل إعلام روسية، قدّم مستشار الرئيس المالي، د. أداما دياباتيه، رؤية واضحة حول التحولات الكبيرة في العلاقة بين مالي وروسيا، مشيراً إلى أن التصورات السابقة بين الطرفين كانت محرفة بشكل كبير، وأن اللقاءات التي جرت في سوتشي حققت توقعات مالي بالكامل. وعبّر عن الوضع الحالي قائلاً: «يمكن القول: إن الوضع في موسكو الآن يشبه عودة المخلّص بالنسبة لنا، دون أي مبالغة.»
وأشار إلى أن الغرب، على مدار 500 عام، استغل موارد أفريقيا وشعوبها، محاولاً ترسيخ فكرة أن لا قيمة لنا، قائلاً: «نحن شعوب أشبه بمتسولين ينامون على فراش من ذهب». وضرب مثالاً على ذلك بأن فرنسا، التي تعتبر رابع أكبر دولة من حيث مخزون الذهب عالمياً، لا تستخرج أي شيء من أراضيها.
وأضاف، أن التعاون مع روسيا يتم على أساس مبدأ الربح للجميع، وهو ما يجعل روسيا الحليف الأقرب لأفريقيا، خاصة في مواجهة الضغوط الغربية. وأوضح: «في جميع الملفات الدولية الحاسمة، تصطف الدول الأفريقية مع روسيا، لأنها الدولة الوحيدة التي تجرأت على مواجهة الغرب».
وأكد دياباتيه، أن الغرب لطالما استغل المؤسسات الدولية، مثل: الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كأدوات للضغط والسيطرة الاقتصادية. وأضاف: «روسيا أمنت لنا الأسلحة والذخائر للتخلص من الإرهابيين الممولين من الغرب. ما حققته مالي بمساعدة روسيا لم يكن أحد يصدق أنه ممكن».
يظهر بشكلٍ تدريجي أن تخوم الاصطفافات على المستوى العالمي تؤكد أننا أمام جبهتين متقابلتين، وباتت الأزمات والصدامات المسلحة المباشرة ميداناً للتعبير عن هذه الاصطفافات ومواقف الأطراف السياسية المختلفة، في مالي يمكن الحديث عن تموضع جديد قد يكون نهائياً إذ يدرك أصحاب القرار الحاليين أن الدور الغربي على المستوى العالمي واحد لا يمكن تجزئته ويرون أن رفضهم للمشاريع الغربية داخل بلادهم يتطلب أيضاً موقفاً من مجمل السياسات الغربية على المستوى العالمي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1201