قضايا الشرق .. استحقاقات واجبة

قضايا الشرق .. استحقاقات واجبة

تستمر الحرب بالرغم من أصوات احتجاجية تُسمع من داخل الكيان، ولا يمكن حتى اللحظة رؤية مخرجٍ واضح لوقف العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً، لكن هذا التوصيف لا يعني على الإطلاق أن المنطقة تعيش حالة انتظار سلبية، بل إن انقشاع غمامة الحرب التي تريدها وتدعمها واشنطن سيكشف واقعاً جديداً.

خرج رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو يوم الأحد 27 تشرين الأول الجاري ليقول: إن «إسرائيل تخوض حرب وجود طويلة وصعبة وندفع فيها أثماناً كبيرة» وأعاد التذكير بأن جيش الاحتلال يخوض حرباً على سبع جبهات، ومع حجم العدوانية الهائل وغير المسبوق، نشهد فعلياً تحولات كبيرة، فمن المفترض أن تبدأ جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة، والتي تتمسك فيها المقاومة الفلسطينية في شروطها حول وقف الحرب والانسحاب «الإسرائيلي» من غزّة تمهيداً لعودة النازحين، ما يعني أن جولة العنف والاغتيالات الصهيونية لم تسمح بتغيير المواقف على طاولة المفاوضات، أي إن الكيان سيجد نفسه أمام الخيارات الصعبة ذاتها، فإما الاستمرار بالحرب، أو إيجاد مخرج من المأزق الحالي.
لكن من جانب آخر، وتحديداً بعد الضربة التي وجهها جيش الاحتلال ضد إيران في يوم السبت 26 تشرين الأول الجاري، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى لعدم تطوير الحرب نوعياً، وهو ما يفرض عليها انخراطاً مباشراً، بل تأمل أن تحقق أهدافها الخبيثة بالاعتماد على مستوى العمليات الحالية، لكن الضغط الهائل الذي سببته الحرب الصهيونية لم يحقق الهدف الحقيقي منه، بل إننا نشهد اليوم عملاً حثيثاً على تدعيم الإقليم عبر سد الثغرات كلها، التي يمكن أن يستغلها الأعداء، ويمكن القول: إن الحرب الأخيرة، ورغم قسوتها، كشفت أن المخطط المرسوم للمنطقة هو واحد، ولا تستثني واشنطن أحداً، وأدركت القوى الإقليمية أن استمرار وتيرة العمل ضمن المعدلات السابقة لن يكون كافياً، بل ينبغي إنجاز الملفات كلها، الموضوعة على طاولة البحث سريعاً، وتحديداً تدعيم العلاقات البينية كلها، بين دول المنطقة، وحل القضايا الخلافية عبر التفاوض.
عملت واشنطن منذ عقود على زرع مجموعة من الخلافات، وعمّقت الشروخ الموجودة وضخّمت المشاكل، واليوم لا تملك المنطقة ترف الانتظار والتباطؤ، فوقف الحرب لم يكن ممكناً خلال الأشهر الماضية، لكن انتهاءها دون تحقيق إنجازات سياسية لن يحمي المنطقة مستقبلاً، فتطوير التفاهمات الإقليمية يمكن أن يخلق حالة نموذجية لحل أزمات اليمن وسورية وليبيا وغيرها، ويمكن أيضاً أن يضع الأطراف الفلسطينية بشكل جدّي أمام استحقاق طال انتظاره، لإعادة صياغة مشروع وطني عابر للتجزئة والفصائل، وقادر على مقاومة المشروع الصهيوني، وجاهز لمرحلة بناء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1198
آخر تعديل على الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2024 19:46