استقرار أرمينيا ثمنٌ للعلاقة مع الغرب!
أحمد علي أحمد علي

استقرار أرمينيا ثمنٌ للعلاقة مع الغرب!

في الآونة الأخيرة، شهدت أرمينيا تحولات استراتيجية كبيرة في سياستها الخارجية، حيث بدأت تتجه بشكل متزايد نحو الغرب. وهذه العملية ليست وليدة اللحظة كما يبدو، بل هي نتاج تحولات تدريجية بدأت منذ فترة ليست قليلة، لكن الأحداث الأخيرة أبرزتها بشكل واضح على الساحة الدولية، وأبرزت أكثر وجود أطراف أخرى تدفع الأمور بهذا الاتجاه.

المناورات الأمريكية – الأرمينية

انطلقت مناورات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وأرمينيا، بدأت في 15 وتستمر حتى 24 تموز الجاري. هذه المناورات، التي تعدّ الأولى من نوعها على هذا النطاق بين البلدين، أثارت اهتماماً واسعاً من قبل المحللين والسياسيين. وتهدف حسب المعلن لـ «تعزيز التعاون العسكري بين أرمينيا والولايات المتحدة، وتطوير قدرات القوات الأرمينية بما يتماشى مع معايير الناتو».
ردود الفعل حول المناورات الأرمينية-الأمريكية متباينة. فمن ناحية، روّج البعض على أنها خطوة استراتيجية هامة لأرمينيا لـ «تعزيز أمنها واستقلالها العسكري». ومن ناحية أخرى، أثارت هذه المناورات قلق أطراف أخرى، خاصةً في روسيا، التي ترى في التحولات الأخيرة مؤشرات خطرة على دور غربي متزايد، يستهدف استقرار تكل المنطقة الاستراتيجية التي تعتبر منطقة تتقاطع فيها مصالح مجموعة دول أبرزها: روسيا وإيران وتركيا.

أرمينيا في قمة الناتو

إضافة إلى المناورات، فإن حضور أرمينيا في قمة الناتو الأخيرة هو حدثٌ يجب التوقف عنده. فهو يُعتبر إشارة واضحة على وجود نوايا عند السلطة السياسية الحالية في أرمينيا على تورط أكبر بعلاقات مسمومة من الغرب، وتحديداً مع الناتو، فوجود علاقة من هذا النوع وتطويرها يمكن أن يتحول إلى تهديد جديد بالنسبة لروسيا، التي لن تقف متفرجة أمام تطورات من هذه النوع.

أحداث وتفاصيل...

تأتي هذه الأحداث بعد إجراءات أرمينية متعددة نحو الابتعاد عن روسيا والتقارب مع الغرب، حيث أعلنت عدم مشاركتها في اجتماع مجلس وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة المقرر في 12 أبريل/نيسان 2024 في مينسك. وجاء هذا القرار بعد اجتماع ثلاثي جمع أرمينيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ووصفته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأنه محاولة لجر منطقة القوقاز إلى المواجهة.
كما انتقدت أرمينيا عدم تدخل قوات حفظ السلام الروسية بعد استعادة أذربيجان إقليم ناغورني قره باغ. وقامت باستدعاء ممثلها من منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، لتعلن فيما بعد الانسحاب من المعاهدة. كذلك، كانت أرمينيا على وشك الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

التقارب يظهر على السطح

ظهور هذا التقارب على السطح يعكس تغيّراً في السياسات الأرمينية، التي كانت تعمل سابقاً بشكل أكثر تحفظاً وبعيداً عن الأضواء. فالإعلان عن المناورات والحضور في قمة الناتو ينبئ بالانتقال إلى مستوى جديد من التصعيد مع روسيا، ما ستكون له آثار سلبية على المنطقة وعلى أرمينيا نفسها، وهو ما ألمحت له زاخاروفا في تصريح لها مؤخراً، أن هذه الإجراءات تهدّد مستقبل أرمينيا في الوقت الذي تحاول فيه لتعزيز استقلالها واستقرارها الأمني.
انتقال أرمينيا بشكل معلن إلى الضفة المقابلة، وفي هذه اللحظات بالذات، لا يمكن أن يمر دون ضريبة، وتحديداً إذا ما نظرنا إلى أن تقويض استقرار هذا البلد بالتحديد يضر بمصالح كل الدول في محيطه، وعلى هذا الأساس يجب أن يستعد النظام السياسي في أرمنيا لدفع ثمن سياسة متهورة كهذه، فروسيا لن تكون الخصم الوحيد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1184