قضايا الشرق ... الشرق الأوسط  في المناظرة الأمريكية

قضايا الشرق ... الشرق الأوسط في المناظرة الأمريكية

بدا للوهلة الأولى أن ملف الشرق الأوسط في المناظرة بين الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب جرى اختزاله في السؤال البسيط: «من يؤيد إسرائيل أكثر؟» والحقيقة أن التوصيف يحمل بعض الدقة، لكن الواقع أن المرشحين للرئاسة قدّما أجوبة مختلفة!

حاول بايدن القول بأنه «لا يريد لهذه الحرب أن تستمر» وحّمل حماس مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق، ولم يفوّت الفرصة بأن يذكّر بأنّه طرح مبادرة تهدف حسب زعمه لوقف إطلاق النار، وأشار إلى أنّه قدّم السلاح الذي تحتاجه «إسرائيل»، مكرراً الدعوات الأمريكية الفارغة لضرورة أن «تأخذ تل أبيب المدنيين في الحسبان»، بينما تحدّث الرئيس السابق بشكلٍ مختلف، قائلاً: «[إسرائيل] هي التي تريد مواصلة الحرب، ويجب أن نتركها تفعل ذلك حتى تتمكن من إنجاز مهمتها».

تكثيف الحديث بهذا الشكل يظهر أن كلا الرئيسين تعامل مع التقاعس عن دعم «إسرائيل» بمثابة جريمة ينبغي إنكارها أوّلاً، وتقديم البراهين على «براءته» منها ثانياً. لكن ما يثير الانتباه حقاً، هو أن ترامب لم يسع للمراوغة، بل قال ما قاله دون أدنى تردد، بينما حاول بايدن تقديم نفسه كـ «رسول للسلام».

في الحقيقة، تنسجم الإجابتان مع السياسة التي يمثّلها كلٌ من المرشحين، فالإدارة الأمريكية الحالية تأمل أن تظل تتمتع بدور «الوسيط» في الملف الفلسطيني، فالدعم الذي يحصل عليه الكيان يجب أن يترافق مع عبارات فارغة وزيارات مكوكية لأرفع المسؤولين الأمريكيين، أي يجب أن يترافق مع كل أنواع الحركة التي يمكن أن تعطي انطباعاً بوجود «موقف أمريكي متوازن إلى حدٍ ما».
أما بالنسبة لترامب، فقد ارتبطت سياسته في هذا الخصوص بسلوك وصفه البعض بأنه «أخرق» مثل: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالجولان المحتل «كجزء من [إسرائيل]» وصولاً للقول بأن الولايات المتحدة يجب أن تترك جيش الاحتلال ليكمل ما يفعله في غزّة، ما يعني بالمحصلة أن ترامب لا يرى في الغالب أي جدوى من مسرحية الوساطة الأمريكية في ملف القضية الفلسطينية، بل يرى فيها مشكلة ينبغي أن تترك للآخرين، ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يشكل عامل إرباك كبير، وخصوصاً أن خطوات كهذه تعني إعلان صريح من الولايات المتحدة برفض قرارات الشرعية الدولية.

سواء عاد ترامب إلى البيت الأبيض، أو احتفظ بايدن بمنصبه، ذلك لن يُغير جوهر المسألة، فإن استئثار الولايات المتحدة بدور الوسيط الأساسي كان معيقاً لإيجاد حلول حقيقية، وعلى هذا الأساس بات انتزاع هذا الدور منها مسألة ملحة وممكنة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1181