الهجوم على القرم تصعيدٌ بهدف الاستفزاز
بتصعيدٍ جديد من نوعه، أقدمت القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي على استهداف مدينة سيفاستوبل في شبه جزيرة القرم الروسية بصواريخ ATACMS الأمريكية بعيدة المدى، ومزوّدة برؤوس عنقودية، ما تفاصيل الهجوم، وتبعاته؟
استهدفت القوات الأوكرانية يوم الأحد 23 حزيران مدينة سيفاستوبل بـ 5 صواريخ من طراز ATACMS أمريكية الصنع، وتمكنت الدفاعات الجوية الروسية من إسقاط 4 منها، وانفجار الرأس الحربي للصاروخ الخامس في الجو بعد حياده من مساره، مما أدى إلى سقوط 3 قتلى مدنيين روس، وإصابة 150 آخرين.
الردود الروسية
تعليقاً على ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيانٍ لها: «جميع المهام المرتبطة بإطلاق صواريخ ATACMS الأمريكية التكتيكية يتم التحكم فيها وتوجيهها من قبل متخصصين أمريكيين على أساس بيانات استطلاع الأقمار الصناعية الأمريكية، وفقاً لذلك فإن المسؤولية عن الهجوم الصاروخي المتعمد على المدنيين في سيفاستوبول تقع في المقام الأول على عاتق واشنطن، التي نقلت هذا السلاح إلى أوكرانيا، وأيضا نظام كييف الذي نفذ هذه الضربة من أراضيه».
فيما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان آخر: «ارتكب نظام كييف بدعم من الولايات المتحدة وأتباعها جريمة إرهابية وحشية أخرى ضد المدنيين في روسيا متعمداً، ذلك تزامنا مع أحد أهم الأعياد الأرثوذكسية الروسية، واستهدف المدينة بصواريخ أتاكامس الأمريكية المجهزة برؤوس عنقودية لزيادة قدرتها التدميرية».
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف: «نحن لا نشك في تورط الولايات المتحدة وأتباعها الأوكرانيين»، وأكد الأسلحة الأمريكية المزودة لنظام كييف «لا يمكن استخدامها دون مشاركة مباشرة من الجيش الأمريكي، بما في ذلك قدرات الأقمار الصناعية»، بينما علق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف «إن تورط الولايات المتحدة الأمريكية في الأعمال القتالية، والتورط المباشر في الأعمال القتالية التي أدت إلى مقتل مدنيين روس، لا يمكن إلا أن يكون له عواقب».
وقامت الخارجية الروسية باستدعاء السفيرة الأمريكية لدى موسكو لين ترايسي، وإبلاغها رسمياً تحمّل واشنطن وكييف مسؤولية الهجوم الإرهابي على مدينة سيفاستوبل.
الغايات؟
تسعى واشنطن وكييف إلى توسيع وتصعيد حدة الحرب الجارية، ويتزايد هذا التصعيد طرداً مع مستوى الضعف الأوكراني والتراجع الأمريكي الجاري والمستمر، وخاصة قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة التي تشهد الولايات المتحدة خلالها استقطاباً حاداً، وتحذيرات من أزمات داخلية عميقة وصولاً لاحتمالات حرب أهلية، فضلاً عن تراجع مستوى وكمّ المساعدات الغربية عموماً لأوكرانيا.
وتهدف مثل هذه الاستفزازات المباشرة والإرهابية كهجوم سيفاستوبل وكروكوس والمناورات العسكرية وانتشار الناتو، والحديث عن دخول قوات أوروبية إلى أوكرانيا وغيرها، إلى جرّ موسكو لتوسيع وزيادة هجماتها، لرصّ العالم الغربي، والأوروبي تحديداً، بهدف توسيع رقعة الحرب لتشمل أجزاء أخرى من أوروبا، خدمةً لمصلحة الولايات المتحدة التي تشارك بهذا الصراع بالوكالة من خلف البحار.
إلا أنّ موسكو كانت ولا تزال تنشط عسكرياً في إطار عمليتها الخاصة ضمن الحدود التي تؤمن أهدافها ومصالحها التكتيكية والاستراتيجية، دون الانجراف لردود واسعة أو قاسية قد تمنح الغرب أي ذريعة، وعلى العكس من ذلك، فإن هذه الاستراتيجية بالضبط ما تضعف الغربيين وتغيّر من الموازين، فيما يتعلق بالموقف الغربي من أوكرانيا وحلّ الصراع، لدرجة أن يعلن نظام كييف عبر وزارة المالية وصول صفر مساعدات غربية «رسمية» خلال الشهر الماضي.
القاسم المشترك بين المواقف الرسمية الروسية المعلن عنها من قبل الكرملين ووزارة الخارجية هو المسؤولية المباشرة للولايات المتحدة في هذا الهجوم، فالمسألة تعدّت إمداد أوكرانيا بالإسلحة والمدربين وتجاوزت ذلك، ما يضعنا أمام احتمال جدّي أن نشهد رداً روسيا، في السياق الذي تحدّث عنه بوتين خلال الأسابيع الماضية حول استعداد روسيا لتزويد أطراف ثالثة بأسلحة متطورة يمكن استخدامها ضد الدول الغربية المتورطة في الصراع، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1181