تحولات المشهد السياسي بعد انتخابات 2024 في الهند
أحمد علي أحمد علي

تحولات المشهد السياسي بعد انتخابات 2024 في الهند

انتهت مؤخراً الانتخابات البرلمانية الهندية للعام الجاري 2024، الانتخابات التي شهدت تنافساً شديداً بين الائتلاف الحاكم، الذي يقوده حزب بهاراتيا جاناتا «الشعب» (BJP) تحت قيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والتحالف المعارض الجديد، الذي يُطلق عليه اسم الائتلاف الوطني للتنمية والشمولية في الهند، الذي يقوده حزب المؤتمر الوطني الهندي (INC) وعدد من الأحزاب الإقليمية. ونتائج هذه الانتخابات أظهرت تغييرات كبيرة في المشهد السياسي الهندي.

حزب الشعب يتراجع

فاز حزب الشعب وائتلافه، الجبهة الديمقراطية الوطنية (NDA)، بـ 293 مقعداً، بينما حقق التحالف الجديد (INDIA) 234 مقعداً، بما في ذلك 99 مقعداً للمؤتمر الوطني الهندي، مما أعاد له مكانة المعارضة الرسمية لأول مرة منذ عشر سنوات.
وعلى الرغم من التوقعات التي أشارت إلى فوز تاريخي لحزب الشعب، إلّا أنّه لم يتمكن من تحقيق الأغلبية المطلقة بمفرده كما في الانتخابات السابقة، وهو ما يعكس تغييراً في تفضيلات الناخبين وتأثير التحالفات الجديدة، وربما أيضاً داخل جهاز الدولة في الهند.
التغيير الذي طرأ يُظهر تحديات جديدة، حيث سيحتاج حزب الشعب ورئيس الوزراء مودي إلى تعزيز التحالفات الجديدة، والحفاظ على الدعم داخل البرلمان لتنفيذ برامجه السياسية. من جهة أخرى، يظهر التحالف المعارض (INDIA) كقوة سياسية موحدة قادرة على تحدي الحزب الحاكم في العديد من الولايات والمقاطعات.
من الضروري الآن لحزب الشعب (BJP)، تكوين تحالفات مع أحزاب أخرى للحفاظ على أغلبية قوية في البرلمان الهندي. والأحزاب التي من الممكن أن يتحالف معها بناء على التوجهات والعلاقات، لديها توجهات مختلفة تتراوح بين اليمين المتطرف ويمين الوسط، وهي: شيف سينا «SS»، وجاناتا دال (المتحدة) JD(U)، وأكالي دال، تحالف ديمقراطي شمال شرق (NEDA).

المعارضة تتقدّم

على الجانب الآخر، حقق حزب المؤتمر الوطني الهندي (INC) تحسناً ملحوظاً مقارنةً بالانتخابات السابقة. في انتخابات 2019، كان قد حصل الحزب على 52 مقعداً فقط، بينما في انتخابات 2024، نجح الحزب في الفوز بـ 99 مقعداً. هذا يمثل زيادة كبيرة بـ 47 مقعداً. الحزب هو واحد من أقدم وأبرز الأحزاب السياسية في الهند. تأسس في العام 1885 ولعب دوراً محورياً في حركة الاستقلال الهندية ضدّ الحكم البريطاني. كان من بين قادته البارزين مهاتما غاندي، وساهم الحزب في تشكيل الدولة الهندية الحديثة ودستورها.
بعد الاستقلال في عام 1947، حكم حزب المؤتمر الهندَ لعدة عقود تحت قيادة عائلة نهرو-غاندي، وهي سلالة سياسية بارزة في الهند. الحزب معروف بسياسته الوسطية والعلمانية، حيث يسعى إلى تمثيل مختلف الطوائف والأديان في الهند، مع التركيز على العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
يؤكد الحزب في برنامجه على ضرورة تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية التحتية، ودعم الصناعات، وتحسين الزراعة، ويعمل الحزب على تعزيز السياسات التي تدعم الفئات المهمشة والأقليات والنساء.

إشادة دولية واسعة

الفوز الانتخابي لناريندرا مودي وتحالفه الوطني الديمقراطي (NDA) حظي بإشادة واسعة من عدة دول، مع تركيز خاص على أهمية الهند في الشؤون العالمية. زعماء دول، مثل: الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، كندا، والإمارات العربية المتحدة، أرسلوا تهانيهم إلى مودي، مشيرين إلى رغبتهم في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في قضايا متعددة تشمل الدفاع عن حقوق الإنسان والتنوع، وكذلك التعاون في مجالات القانون والاقتصاد. الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء سنغافورة، على سبيل المثال، أشادا بالشراكة الاستراتيجية مع الهند وأعربا عن تطلعهما لمواصلة تعزيز هذه العلاقات.
وأيضاً، هنأ الرئيس الروسي مودي، مؤكّداً على العلاقة الاستراتيجية الخاصة بين الهند وروسيا، وأهميتها في تعزيز التعاون المتبادل. بينما حتى الآن، لم تقم الصين بإرسال تهنئة رسمية للهند بعد انتخابات 2024. وبدلاً من ذلك، احتجّت الصين رسمياً على تهنئة تايوان لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، مؤكّدة على موقفها ضدّ أي تفاعلات رسمية بين تايوان والدول التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين، وذلك بناءً على مبدأ «الصين الواحدة» الذي تتبعه بكين.

التوازنات تتغيّر...

ما جرى في الهند هو مؤشر مهمّ على طبيعة توازنات القوى هناك، التوازنات التي بدأت بالتغيّر باتجاهات تفرض التعامل مع التحديّات الجوهرية والكبرى بعين اليقظة والحذر، بظل التغيرات الكبرى التي تحدث عالميّاً. وأُولى ما ينبغي التعامل معها هي المحاولات المستمرة للتحريض الطائفي والقومي، والتي كان حزب الشعب عنصراً مهمّاً فيها، عبر تصريحات وصفت المسلمين بالـ «الدخلاء»، والتي لم تمر مرور الكرام كما يبدو واضحاً من النتائج الانتخابية وتركت تأثيرها على الناخبين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1178
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 حزيران/يونيو 2024 20:41