الهجمات والاغتيالات السياسية... مرحلة جديدة من الصراع
حمزة طحان حمزة طحان

الهجمات والاغتيالات السياسية... مرحلة جديدة من الصراع

مع اتضاح وجود أزمات سياسية واقتصادية في أوروبا، وتزايد الاستياء والاحتقان الشعبي، ونشوء استقطاب سياسي، وما ينتج عن كل ذلك من ارتفاع في نسبة التوتر عموماً، تصدر وتبرز تعبيرات متطرفة ومكثفة عن هذه الأمور من بينها الاغتيالات السياسية التي بدأنا نشهدها في أوروبا.

خلال الفترة الماضية جرت محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو، وفي ألمانيا جرى للمرة الثانية خلال فترة قصيرة هجوم بالسلاح الأبيض على سياسيين، كان آخرهم سياسي من حزب البديل لأجل ألمانيا في مدينة مانهايم. كما يتعرض العديد من السياسيين في أوروبا والولايات المتحدة لتهديدات ومواقف عدائية بوتيرة أكبر.
لا يعدّ كل هجوم على السياسيين سواء في الأحزاب السياسية أو الحكومات، موجهاً ومنظماً بالضرورة، أو عفوياً بالضرورة، لكن كلا الشكلين على حدٍّ سواء يعبران عن درجة توتر عالية ناشئة، وانسداد أفق حل هذا التوتر والأزمات بالطرق والوسائل «الديمقراطية»، وأكثر منه، أن يجري تكثيف هذا الاستياء وتوجيهه ضد شخصيات محددة كرموز تحمل توجهاً سياسياً محدداً.
يعني هذا السلوك وجود افتراض لدى صاحبه أن استبعاد إحدى الشخصيات السياسية سيؤدي لتغيير سياسي بطريقة ما، إلا أنه على المستوى الاجتماعي والسياسي العام يعني هجوماً واضحاً على تيار أو موقف سياسي محدد، ويدفع بهذا الشكل نحو استقطاب أكثر حدة وتوتير أكبر، عبر الترهيب بالفعل ورد الفعل.
سياسياً وإعلامياً، يجري تفسير وتقزيم هذه الأحداث على الطريقة الغربية حسب مصلحتهم من كل حادث على حدة، فإما أن يكون هجوماً إرهابياً، وعليه يستدعي إجراءات جوابية ما، أو هجوماً فردياً يعبّر عن «مشكلة نفسية» لدى صاحبه، ويجري بذلك نسف المشكلة السياسية والاجتماعية التي أدت لهذا الأمر.
محاولة اغتيال فيتسو جاءت نتيجة الاستقطاب الكبير الحاصل بسبب عدة عوامل، أساسها الخلاف السياسي بين تيار فيتسو والليبراليين الذي ينتمي إليهم مهاجمه، ومُغذّى بالتحريض الكبير نتيجة الصراع الأوكراني والموقف من روسيا. وفي ألمانيا ما يشبه ذلك، فالهجمات الأخيرة على السياسيين اليمينيين، أساسها الخلاف السياسي، ومغذّى بالتحريض الديني عبر مهاجمة «الإسلام» الذي يجري بطريقة ممنهجة في ألمانيا والسويد والدنمارك بالدرجة الأكبر.
ورغم تباين طبيعة الخلافات السياسية، والأسباب والدوافع خلف كلّ محاولة من محاولات الاغتيال والهجمات هذه، إلا أنها بمجموعها وبتزايد وتيرتها وصولاً لاستهداف رئيس وزراء إحدى الدول مباشرة، فإنها تشير إلى بدء مرحلة جديدة من مستوى الانقسام والصراع الداخلي لدى الغربيين، وتعد حالة ترامب في الولايات المتحدة حدثاً مشابهاً، حيث كان ولا يزال يسعى أحد الأطراف الأمريكية إلى «اغتياله سياسياً» وهو ما يسبب ردود فعل متطرفة من أنصار ترامب.
هذه الأحداث تهدد بحال تطورها أكثر، بارتفاع فرص نشوب حرب أهلية بالفعل، سواء في البلدان الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية في أعلى تقدير، ويمكن أن تؤدي في حدّها الأدنى إلى تأجيج التناقضات القائمة حالياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1178