أوكرانيا تصعيد جديد يهدد بمواجهة حتمية مباشرة مع الغرب
أحمد علي أحمد علي

أوكرانيا تصعيد جديد يهدد بمواجهة حتمية مباشرة مع الغرب

صرّحت مصادر دبلوماسيّة فرنسيّة عدّة، بأن فرنسا قد ترسل قريباً مدربين عسكريين إلى أوكرانيا مشيرةً إلى أنّ القرار النهائيّ بهذا الخصوص سيعلن الأسبوع المقبل خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى فرنسا. وتحدّث الدبلوماسيون عن آمال باريس بتشكيل وقيادة تحالف من الدول التي تقدّم مثل هذه المساعدات لأوكرانيا لدعمها في حربها مع روسيا، فيما أشار بعضهم إلى أنّ فرنسا سترسل في البداية عدداً محدوداً من الأفراد لتقييم طرق تنفيذ المهمّة قبل إرسال مئات من المدرّبين.

ووفق المصادر، فإنّ الترتيبات بين فرنسا وأوكرانيا وصلت إلى مرحلة متقدّمة للغاية، والتدريب سيشمل إزالة الألغام والمحافظة على جاهزية المعدّات، وتوفير الخبرات الفنية اللازمة للطائرات الحربيّة التي ستقدّمها الدول الغربية لكييف. وبالإضافة لذلك ستقوم فرنسا بتمويل وتسليح وتدريب لواء آلي أوكراني.

ليست تصريحات اعتباطية!

في البداية، من المفيد التوضيح، أن التصريحات الجديدة للدبلوماسيين الفرنسيين ليس تصريحات اعتباطية أو ارتجالية، بل هي تصريحات تأتي ضمن سياق واضح بدأ بتصريحات مثيرة للجدل صدرت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فقبل عدّة أشهر قال «ماكرون» في مستهل مؤتمرٍ صحفيٍّ له : إنّه «من غير المستبعد إرسال قوات بريّة غربية إلى أوكرانيا لإلحاق الهزيمة بروسيا».
ولم تمر تصريحات «ماكرون» مرور الكرام، بل أثارت زوبعةً من التصريحات وردود الأفعال الرّافضة لهذا الحديث، ويمكن للمتابع أن يلاحظ هذا لدى العديد من الدول الغربية، والسياسيين الغربيين، حتى أن البيت الأبيض وبريطانيا أكّدا أن واشنطن لن ترسل قوّات إلى ساحة المعركة، واستبعد الأمر كذلك حلف شمال الأطلسي (الناتو).
صراعٌ عالميّ.. وعواقب وخيمة!
في ردّها على هذه الأحاديث، حذّرت روسيا على لسان «الكرملين» بأن إرسال قوّات إلى أوكرانيا «لن يكون في مصلحة الغرب». وعندما سئل دميتري بيسكوف عن خطر نشوب نزاع مباشر بين الناتو وروسيا في حال إرسال قوّات عسكرية إلى أوكرانيا، أجاب: «في هذه الحالة علينا أن نتحدث ليس عن احتمال بل عن حتميّة المواجهة». مجدّداً وفي 16 أيّار/مايو، كشف «بيسكوف» أن المناورات النووية التي أمر بوتين بإجرائها هي ردّ على التصريحات غربية، والفرنسية منها خصوصاً. فضلاً عن التنسيق النووي ونشر الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا لأول مرّة ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في إطار ردع الخصوم الغربيين.
وفي السياق، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مخاطر تدخّل فرنسا عسكريّاً في النزاع الأوكراني، قائلاً: إنّ المرتزقة الفرنسيين موجودون في أوكرانيا منذ وقت طويل، وإن ظهور الجيش النظامي هناك سيكون خطوة أخرى نحو «اندلاع صراع عالمي». كما شدد بوتين على أن منح الدول الغربية موافقتها لسلطات كييف باستخدام أسلحتها على الأراضي الروسية قد يؤدي إلى «عواقب وخيمة».

درجات التوتر ترتفع

ربما من المفيد هنا تسليط الضوء على تصريح رئيسة حزب التجمع الوطني في البرلمان الفرنسي مارين لوبان، التي وصفت تصريحات الرئيس الفرنسي بأنها «خطوة نحو حرب عالمية».
«لوبان» قالت: إنّ ماكرون «يريد أن تدخل فرنسا الحرب»، وبرأيها «من الضروري العودة للمفاوضات، وإيجاد طريقة للحوار... إرسال الجيش إلى أوكرانيا هو خطوة مثيرة للقلق».
أي أن الخطوات التصعيدية التي تقوم بها فرنسا وبغض النظر إن كانت قراراً «محلّياً» أم كانت دوراً جديداً تفرضه واشنطن، فهي ترفع بشكل كبير من درجات التوتر، وتقابل من الجانب الروسي بكامل الجدية.

امتصاص التصعيد!

من جانبها، لم تقف الصّين على الحياد، وعزمت على المضي بتسويق مبادرتها للسلام بشأن حرب أوكرانيا، وتقديم نفسها لاعباً أساسياً في الوساطة بين موسكو وكييف، انطلاقاً من مقاربتها الخاصة المتصلة بمصالحها العليا. وما عزز هذا العزم هو ما كشفته وكالة رويترز عن رفض الصين المشاركة في مؤتمر السلام حول أوكرانيا المقرر عقده في لوسيرن السويسرية يومي 15 و16 يونيو/حزيران المقبل، والذي بدا وضوحاً كخطوة تصعيدية واستفزازية جديدة ضد روسيا.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة قولها: إن بكين رفضت الدعوة بسبب عدم استيفاء شروط المشاركة، بما في ذلك مشاركة كل من روسيا وأوكرانيا. وقالت المصادر: إن الصين أطلعت دبلوماسيين في الأسبوع الحالي على أن «الشروط التي لم يتم استيفاؤها تشمل ضرورة اعتراف كل من روسيا وأوكرانيا بالمؤتمر، وأن تكون هناك مشاركة متساوية للطرفين، وأن تكون هناك مناقشات منصفة لجميع المقترحات».
يظهر أن ما يجري على الجبهة في أوكرانيا لم يعد كافياً لتسخين الأجواء في أوروبا، فالخطوة والتصريحات الفرنسية مع مبادرات من نمط مؤتمر لوسيرن مع القرارات الأخيرة حول الأموال الروسية المجمّدة ترسم كلّها صورة واضحة للهدف الأمريكي- الغربي، وهو ما تراه روسيا وتحاول استخدام قدرات الردع في دفع المغامرين بعيداً عن محاولات التصعيد الجديدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1177