عن التداعيات الأولية للانتخابات البريطانية المبكرة
ملاذ سعد ملاذ سعد

عن التداعيات الأولية للانتخابات البريطانية المبكرة

أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن موعد الانتخابات العامة البريطانية بتاريخ مُبكر عمّا كان متوقعاً، لتجري المملكة المتحدة انتخاباتها بعد 5 سنوات تخللها 3 رؤساء حكومة.

قال سوناك: إن الانتخابات العامة ستجري في الـ 4 تموز. وكان الإعلان المبكر لها مستغرباً من معظم البريطانيين، ذلك أنّه والمحافظين عموماً قد تراجع جمهورهم وتراجعت وشعبيتهم عموماً خلال الفترة الأخيرة.
فاستطلاعات الرأي من قبل الإعلان تُدل أن حزب العمال البريطاني بات يحظى بقبول ودعم أوسع من قبل البريطانيين في معظم مناطق المملكة المتحدة. أما السياسيون الأبرز في التنافس على رئاسة الوزراء هما ريشي سوناك عن حزب المحافظين وكير ستارمر عن حزب العمال.
تروّج وسائل الإعلام البريطانية والغربية على أن التباين ما بين سوناك وستارمر، المحافظين والعمال، ينطوي بالدرجة الأولى على أولوية المحافظين بمعالجة مسألة الهجرة غير الشرعية للمملكة المتحدة، وأولوية العمال بمعالجة مشاكل الأجور والمعيشة. وكلاً منهما يهدف لحل مسائل التضخم وتباطؤ النمو وارتفاع معدل الفقر في البلاد.
إلا أن المتابعين للظرف البريطاني، داخلياً أو خارجياً، يتلمسون مشاكل أكثر حساسية تجاه الانتخابات، مرتبطة بطبيعة الحال بالظرف الاقتصادي أولاً، التي بدأت تبعاتها تظهر بشكل أكبر وتسارعت منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى خلافات بين الأقاليم البريطانية، التي بلغت في بعض الأحيان حد الحديث عن استقلالها كـ اسكوتلندا، أو المشاكل التي نشأت ما بين إقليم إيرلندا الشمالية ودولة إيرلندا مما دفع للحديث عن ماضي هذه الأزمة.
من جهة أخرى، لا تختلف ضرورات السياسة الداخلية عن الخارجية بتحديد الانتخابات المقبلة، عبر الموقف من المسائل الدولية المشتعلة، وعلى رأسها الملفين الروسي- الأوكراني، والفلسطيني، وبالعموم التباين ما بين أولوية المصلحة الأوروبية، أو البريطانية على المستوى الداخلي، أو الأمريكية في إطار التحالفات الخارجية، والانغلوساكسون.
من كلّ ذلك، تشهد المملكة المتحدة بنخبتها السياسية انقساماً سياسياً، كان من أبسط تعبيراته ومفرداته تغيير رئاسة الوزراء 3 مرات خلال الأعوام الـ 5 الماضية لأسباب مختلفة، تتخذ شكلياً طابع «الفضائح» في بعض الأحيان.
وفي الإجابة عن سبب تقديم موعد الانتخابات البريطانية المتوقع أواخر العام الجاري، يرى البعض أن ذلك يهدف لعدم التداخل مع الانتخابات الأمريكية من جهة، وبالتالي تأثيرها على البريطانية والعكس، تأثير الأخيرة على الأمريكية، وإدارة الانغلوساكسون للعمليتين الانتخابيتين كلٍ على حدة، ومن جهة أخرى محاولة لعدم منح منافسي حزب المحافظين وقتاً أطول بالتحضير للانتخابات، فإذا ما كانت شعبية المحافظين قد تراجعت خلال الفترة الأخيرة بشكل مطرد، فالمؤشرات تدل على أن هذا التراجع مستمر.
بجميع الأحوال، فإن الفترة المقبلة وصولاً للانتخابات العامة سوف تضيء على عموم المشاكل والأزمات البريطانية التي تراكمت خلال السنوات الـ 5 الماضية على الأقل، وتظهرها بشكل أكثر وضوحاً، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وخارجياً، وستكشف عن التناقضات الجارية في إطار الانقسام داخل النخبة السياسية الحاكمة، ومن ذلك بطبيعة الحال لا يمكن رؤية الانتخابات البريطانية بمعزل عن التحديات الكبرى التي يشهدها العالم، وخصوصاً أن المملكة تعتبر مركزاً غربياً أساسياً يعاني كغيره من أزمات داخلية وضغوط مرتبطة بالتطورات العالمية المتسارعة، التي بدأت تتضح مع بدء الحرب في أوكرانيا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1176