قضايا الشرق ... الحرب حربنا!

قضايا الشرق ... الحرب حربنا!

ينشب في العالم اليوم صراعٌ واضحٌ، ولم يعد الإقرار به موضوعاً للنقاش - إلّا في دوائر مغلقة لم تدرك بعد ما يجري حولها - لكن الاعتراف بذلك لا يفضي بالضرورة إلى النتائج ذاتها، وهنا تبدو التناقضات جليّة بين فرقٍ مختلفة.

إقرارنا بأن الاشتباك قائم يفرض علينا أن نفكّر بمجريات المعركة ومآلاتها النهائية، بل نرى أنفسنا - شعوب الشرق الأدنى في هذا المثال - مضطرين لفهم استراتيجيات القوى العظمى الفاعلة في الميدان، لا من موقع المتفرج، بل الفاعل! فمنطقتنا تتأثر بما يجري حولها من جهة، وتؤثر في تطور الأحداث من جهة أخرى. ومن هنا بالتحديد تظهر أهمية فهم جوهر عملية التحول وتأثيرها على مستقبلنا، وهذا بالذات ما يدحض الفكرة الرائجة، أن ما نشهده هو صراع لقوى عظمى على أرضنا، صراعٌ لا ناقة لنا فيه ولا جمل!

منذ بدأت الحرب على غزّة ثبت حجم الترابط بين قضايانا وعملية التحوّل الكبرى الجارية، فالعدوان كان مثالاً جديداً على طبيعة الدور الأمريكي والغربي في منطقتنا، ودليلاً على أنَّ تفكيك الهيمنة الأمريكية هو مهمة ملّحة في كلِّ بقعة من بقاع الأرض دون استثناءات، فالضربات التي وجّهت إلى القواعد الأمريكية في العراق وسورّية، وعمليات المقاومة في فلسطين ولبنان، وما تبعها من تحرّكات مؤثرة في اليمن ومضيق باب المندب، كل هذه البطولات ظهرت جزءاً من صورة عالمية عامة قد ينقلب ضمنها مشروع الفوضى الشاملة إلى رمال متحركة تعلق فيها استراتيجية الولايات المتحدة، فيصبح أصحاب القرار في واشنطن عاجزين عن إتمام خطواتهم في الوقت المطلوب.

ما أن يظهر الترابط بين الميادين جميعها، حتى يصبح توجيه الضربات وإعاقة حركة الخصم مسألة بالغة الأهمية، وإن كانت إعاقة كهذه تصب في مصلحة قوى العالم الجديد فهذا لا يعني أننا لسنا طرفاً في المعادلة، فالمعركة معركتنا قبل كلِّ شيء، ونحن من دفعنا فواتير الفوضى الأمريكية الباهظة.

هذا كلّه يجعل من كلِ قذيفة أطلقت على ميركافا صهيونية أو كلِ صاروخ استهدف سفينة أمريكية في باب المندب، وغيرها من الضربات مساهمة ملموسة في تغيير وجه العالم، فإن كان الخصم يشتبك معنا ومع غيرنا في جبهات متعددة، فهذا لا يلغي أن خسائره واحدة مع اختلاف ساحات القتال، وإن كانت قاعدة الحرب الأولى هي تحطيم قوات العدو، فإن الموقف السياسي الرافض للهيمنة الأمريكية يصبح سلاحاً أساسياً في حربنا هذه، وتصبح إعادة النظر بجدوى العلاقات بالغرب والولايات المتحدة بمثابة مصلحة عليا لشعوب المنطقة، ولا يمكن النظر إليها بوصفها هدية مجانية للقوى الصاعدة كما يحاول البعض إيهامنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1166
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 23:24