قضايا الشرق ...  ما نعرفه عن «اليوم الأول بعد الحرب»

قضايا الشرق ... ما نعرفه عن «اليوم الأول بعد الحرب»

يغزو «اليوم الأول بعد الحرب» عناوين معظم الصحف، ويحتل أيضاً مكانة مهمة في أحاديث السياسيين داخل الكيان والولايات المتحدة الأمريكية، ومن على هذه المنابر نسمع ونقرأ نقاشاً موسّعاً وتفصيلياً حول «مستقبل غزّة»، الذي يتّفق الأمريكيون والصهاينة على أنّه بلا «حماس» وكلُّ ذلك يجري في وقتٍ تضطر «إسرائيل» والولايات المتحدة إلى التفاوض مع فصائل المقاومة الفلسطينية ومع «حماس» تحديداً!

الفكرة الجوهرية في التفاوض أنّه يقوم على فشل الخيار العسكري في تحقيق الهدف، أو أنّ ثمن تحقيقه باهظٌ جدّاً بحيث يحوّل أيّة «مكاسب» إلى نتائج بلا قيمة، ومن هنا ينبغي الإقرار بأنَّ الكيان لو كان قادراً على تحقيق أهداف مثل القضاء على «حماس» لما كان مضطراً إلى خيار التفاوض أصلاً، وعلى هذا يبدو النقاش حول «اليوم التالي للحرب» كما لو أنّه قرار بيد «إسرائيل» أو الولايات المتحدة أو أيّ من وكلائهم في المنطقة في الوقت الذي تثبت الوقائع أن ذلك بعيدٌ كلَّ البعد عن الحقيقة وخصوصاً مع اشتعال المعركة حتّى اللحظة وفشل الكيان في بسط سيطرته الكاملة على أيّ بقعة في القطاع.

مع أن جيش الاحتلال ألحق أضراراً جسيمة بالقطاع وقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين فإنه لم يكسب المعركة عسكرياً بعد، وتدل كل الإشارات أنَّ «إسرائيل» خسرت إلى جانب الولايات المتحدة المعركة سياسياً، وبذلك يندرج النقاش حَول «اليوم التالي للحرب» في سياق المعركة ذاتها وحملات التضليل الكبرى التي يتم ترويجها. لكن ذلك لا يلغي ضرورة بحثه ولكن من إحداثيات مختلفة تماماً، آخذين بعين الاعتبار أن المقاومة الفلسطينية حاضرة وتلحق ضربات على مدار الساعة بقوّات الاحتلال.
شكلُ غزّة قبل الحرب لم يكن قراراً اتخذته «حماس» بل كان نتيجة لعقود من السياسات الصهيونية، فالمقاومة المسلحة المشروعة كانت خياراً فلسطينياً عبّرت عنه قوى وتيارات سياسية مختلفة من قبلِ تاريخ النكبة وحتى اليوم، وإنْ كان المهزومون في الحرب يأملون إنهاء هذه الحالة بالذات فذلك مستحيل لا يمكن نقاشه، بل إنَّ مستقبل غزّة بعد الحرب يمثّل نقلة نوعية في تشكيل الهوية الفلسطينية الجامعة، ولن ينجح أيّ طرف في أن يحكم القطاع إن لم يقرّ بالحق في المقاومة المسلحة للاحتلال.
مستقبل غزّة لن يرسم بمعزل عن فلسطين، إذ إنَّ الساحات واحدة فعلاً، وما يمكننا قوله عن هذا المستقبل هو أنّ تجربة الفلسطينيين في القطاع يجري ترسيخها وتطويرها أمّا تجارب أوسلو والتنسيق الأمني مع الاحتلال فتلك التي لا مستقبل لها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1164