هل تشهد العلاقات التركية الأمريكية انفراجة حقاً؟
عتاب منصور عتاب منصور

هل تشهد العلاقات التركية الأمريكية انفراجة حقاً؟

بعد زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو إلى واشنطن مؤخراً، عادت بعض الأصوات للحديث عن مستقبل العلاقات الأمريكية التركية، ورأى البعض في هذه الخطوة مؤشرات على انفراجة مرتقبة في العلاقات المضطربة بين البلدين، وخصوصاً بعد الإعلان عن نية واشنطن بيع مقاتلات F-16 لتركيا. فهل يمكن أن تعود العلاقات إلى سابق عهدها فعلاً؟

ما أن عاد الوزير التركي من هذا الرحلة حتى تبيّن أن صفقة الطائرات لم تنجز بعد، وخرج مشرّعون أمريكيون للضغط على الرئيس جو بايدن لتأخير إتمام هذه الصفقة، وذلك عقاباً على عرقلة تركيا دخول فنلندا والسويد إلى حلف الناتو. ليخرج بعدها المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين معلقاً على هذه الأخبار، وقال: إن تركيا غير مستعدة لتقديم تنازلات في سبيل هذه الصفقة، وذكّر الأمريكيين بأن لبلاده خيارات بديلة، بالإضافة إلى التطورات التي شهدتها الصناعات الحربية التركية مؤخراً. معتبراً أن الخاسر الأكبر من إلغاء الصفقة ستكون الشركات الأمريكية.

ارفعوا أياديكم القذرة عن تركيا!

حدة الانتقادات التركية لأمريكا آخذة في الارتفاع، فأطلق وزير الداخلية التركي سليمان صويلو هجوماً شرساً على السفير الأمريكي في أنقرة، وقال له: «ارفع يديك القذرتين عن تركيا، أقول ذلك بوضوح شديد.. ارفع يديك القذرة عن تركيا». ولم يكتف الوزير في توجيه الانتقادات للسفير الحالي بل أشار إلى النشاط الأمريكي المشبوه لا داخل تركيا فحسب، بل في أوروبا كلّها وأضاف: «كل سفير أمريكي يسأل كيف يمكنني إيذاء تركيا. لقد كانت هذه واحدة من أكبر مصائب تركيا لسنوات عديدة. إنه يجمع السفراء الآخرين، ويحاول تقديم المشورة لهم. يفعلون الشيء نفسه في أوروبا، السفارة الأمريكية تدير أوروبا».

أمريكا تُهدد

حذّر نائب وزير الخزانة الأمريكي- لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون- أنقرة من خطر تعرضها لعقوبات بسبب تعاونها التجاري المتنامي مع روسيا. وقال نيلسون: إن «النمو الملحوظ في الصادرات الثانوية التركية، وإعادة التصدير إلى روسيا خلال العام الماضي، يجعل القطاع الخاص التركي معرضاً بشكل خاص لمخاطر السمعة والعقوبات.. من خلال التفاعل مع المنظمات الروسية التي تخضع للعقوبات، قد تكون البنوك والشركات التركية في خطر، ومن المحتمل أن تفقد الوصول إلى أسواق دول مجموعة السبع وعلاقات المراسلين».
وكانت وسائل إعلامية قد نقلت، أن واشنطن طرحت هذه المسألة في أثناء زيارة وزير الخارجية الأخيرة، ويبدو أن تركيا لم تبد بعد رغبة في تنفيذ طلبات واشنطن، وخصوصاً أن هذه العلاقات التجارية مع روسيا حققت مكاسب اقتصادية حقيقية، ويمكن لها أن تتطور بشكل سريع، ما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد التركي الذي يواجه صعوبات منذ سنوات.

العلاقات المضطربة بين تركيا والولايات المتحدة لا يمكن تفسيرها من جانب واحد، فالمسألة لم تكن أبداً سوء فهم بين البلدين، بل أثبت السلوك الأمريكي في السنوات الأخيرة استخفافه بمصالح تركيا، وأصبحت هذه المسألة قناعة راسخة لدى جزء كبير من أصحاب القرار داخل تركيا، الذين ورغم أنهم لا يقفون موقف المعادي لأمريكا، ولكنهم يدركون أن الدفاع عن مصالح بلادهم يتطلب إيجاد صيغة مختلفة للعلاقة بين البلدين، ويبدو من تصريحات رئيس قسم الاتصالات في الإدارة الرئاسية التركية، فخر الدين ألتون، أن بلاده وصلت إلى قناعة لا يمكن التراجع عنها، وهي تحديداً ضرورة أن تلعب دورها في هذا العالم، لا كتابع لواشنطن، بل كبلد مستقل، يسعى لبناء شراكات مع الدول الأخرى بما يؤمن مصالحها. فألتون الذي وجّه انتقادات مؤخراً للاستعمار الغربي، أشار أيضاً إلى الوحدة العضوية بين النظام الاستعماري وعلاقات التبعية السائدة اليوم، والتي لم تكن تركيا بعيدةً عنها. فكل الدول التي دارت في فلك الولايات المتحدة الأمريكية في العقود الماضية، ترى اليوم الصورة بشكلٍ أوضح، وتبتعد أكثر عنها، لا استناداً لقناعات أيديولوجية محددة مثلاً! بل ما يحركها هي مصالحها التي أصبحت تحت تهديدٍ حقيقي اليوم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1108
آخر تعديل على الإثنين, 06 شباط/فبراير 2023 10:42