البيرو.. معركة في الوقت الفاصل بين العزل والانتخابات الجديدة
تشهد البيرو حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي عقب عزل رئيسها بيدرو كاستيو، في السابع من الشهر الجاري، إثر قرار برلماني بذلك، لتشهد البلاد احتجاجات شعبية واسعة يومياً منذ ذلك الحين.
استلم بيدرو كاستيو رئاسة البلاد في حزيران 2021، وخلال هذه المدة شهدت حكومته 5 تغييرات لرئاسة وزرائها، وحاول الكونغرس البيروفي عزله مرتين قبل نجاحه بذلك في الثالثة، حيث أن قرار عزله كان يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، الذين لم يتمكن اليمينيون من جمع أصواتهم في المرتين السابقتين بدعوى «العجز الأخلاقي».
مع توقع كاستيو بنجاح البرلمان بمحاولته الثالثة، أعلن حلّه، وفرض حالة الطوارئ، وحظر تجول في البلاد بهدف «استعادة سيادة القانون والديمقراطية» على حد قوله، كان ذلك قبل بضع ساعات من انعقاد البرلمان لاجتماعه واتخاذه قراراً بعزل الرئيس بعد تصويت 101 عضو لصالح القرار، و6 ضد و10 امتنعوا عن التصويت، وقام البرلمان بتكليف نائبة الرئيس دينا بولوارت بأداء مهام الرئاسة مؤقتاً.
تنقسم الآراء في البيرو حول كاستيو بوصفه يسارياً فعلياً أم اسمياً فقط، فبينما ترى بعض الأطراف السياسية أن كاستيو لم يتمكن للحظة من ممارسة أو تحقيق أي من وعوده ومشاريعه، بسبب المواجهة الكبيرة مع اليمينيين المسيطرين على الكونغرس عملياً، وإعاقتهم له، يرى آخرون أنه لم يكن على قدر الكفاءة والجذرية والمواجهة المطلوبة، بل حتى أنه قدم تنازلات وتساهل مع اليمينيين تلبيةً لمصالح ضيقة وفاسدة، لكاستيو وتياره جمهورٌ واسع في البلاد، وإن لم يكن قد خرج بتظاهرات واحتجاجات نصرةً له بالضد من القرار البرلماني بعزله، فإنه على الأقل خرج بمناهضة التيارات اليمينية المدعومة من واشنطن ومصالحها بالتفرّد بالسلطة.
فتشهد البلاد منذ 7 كانون الأول احتجاجات يومية ومواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، خلّفت حتى الآن 20 قتيلاً على الأقل، وفرضت على السلطات يوم الأربعاء الماضي إعلان حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً.
يطالب المتظاهرون بحلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، الأمر الذي يخشاه اليمينيون حالياً بطبيعة الحال، فالانتخابات السابقة التي أوصلت اليسار إلى الحكومة– بغض النظر عن الخلاف حول طبيعة هذا اليسار عملياً– قادرة على إيصاله مجدداً، وربما إيصال الأكثر جذريةً منه.
على أية حال، لا تستطيع الحكومة الحالية برئاسة بولوارت تجاهل مطالب المحتجين، وعليه أعلنت تنازلاً يوم الاثنين الماضي بأنها ستعرض على البرلمان مشروع قانون لتقريب موعد الانتخابات من نيسان 2026 إلى نيسان 2024، أي بعد قرابة عامٍ من الآن، وهي مدة معقولة نوعاً ما، إذا ما وافق البرلمان على المشروع، وهو الأمر الذي يشكك به البيروفيون، ويستمرون بتظاهراتهم وضغوطهم لانتزاع موافقة البرلمان كضمانة لمطالبهم.
من غير الممكن التنبؤ بكيفية تطور الأمور في البيرو حالياً، سيحاول اليمينيون إخماد النشاط الشعبي وتهدئة الأوضاع مؤقتاً، ريثما يرتبون أوراقهم ويمهدون الظروف لعودتهم رسمياً إلى الحكومة، بينما تحاول القوى الشعبية عدم منح اليمينيين لا الراحة، ولا الوقت لتحقيق ذلك. ويبدو أن الشارع قادر على لعب دور مؤثر في التطورات الجارية واللاحقة، ويمكن لهذه الحركة حال تنظيمها واستمرارها أن تفرض خياراتها في المرحلة اللاحقة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1101