فرض سقف للخام الروسي قد يرفع الأسعار دون تدخل أوبك+
انتهى يوم 4 كانون الأول اجتماع دول مجموعة أوبك+ التي أصبحت اجتماعاتها محط اهتمام شديد في ظل الاضطرابات التي تشهدها أسواق الطاقة مؤخراً، وعلى الرغم من أن دول المجموعة اتخذت قراراً بالحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي، إلا أن هذا وحده لن يكون كافياً لاستبعاد احتمال ارتفاع شديد في الأسعار.
بعد خفض الإنتاج الكبير الذي أقرته المجموعة في اجتماعها الماضي توعّدت الإدارة الأمريكية المملكة العربية السعودية بعواقب، بسبب سياستها في هذه المسألة، ورفضها الخضوع للضغوط الأمريكية لزيادة الإنتاج، أملاً في خفض سعر الخام عالمياً. وتناولت تقارير إعلامية أمريكية، أن إدارة الرئيس بايدن لم تفرض أية إجراءات عقابية، لكنها أملت من المملكة أن تعدّل موقفها في الاجتماع القادم، إلا أن اجتماع أوبك + الذي عقد يوم الأحد 4 كانون الأول، وعلى الرغم من كونه لم يقر خفضاً جديداً، إلا أنه جاء بشكل متزامن مع اعتماد فرض سقف لسعر الخام الروسي المنقول بحراً، من قبل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا.
سقف السعر
بعد كثير من المشاورات والخلافات، جرى الاتفاق على سقفٍ لسعر النفط الروسي، وهو 60$ للبرميل، بفارق ضئيل عن سعر خام الأورال حالياً، والذي يصل سعره إلى حدود 65$ أي بخفض حوالي 5$ ومع ذلك لم يتغير موقف روسيا من هذه المسألة، والتي لا تزال تصر على إيقاف تصدير خاماتها إلى كل الدول التي ستعتمد آلية التسعير هذه. لكن موسكو لم تعلن بعد عن كيفية التعامل مع هذه المسألة بالمعنى الإجرائي.
من جهة أخرى، تشكّل هذه الخطوة إرباكاً كبيراً للدول الأوروبية التي ستجد نفسها في حال أوقفت روسيا صادراتها النفطية أمام مأزق حقيقي، إذ سيكون عليها الاختيار بين التخلي عن النفط الروسي، أو تعريض نفسها لعقوبات من قبل دول السبع!
بالنسبة لأوكرانيا جاء هذا القرار «مخيباً لآمال» فأعلن الرئيس زيلينسكي أن السقف الذي جرى الاتفاق عليه لا يعتبر مرضياً إذا أنه لن يحرم روسيا من الموارد كما تأمل أوكرانيا. وصف زيلينسكي السقف الجديد «ضعيف» وغير كافٍ لإلحاق ضرر بالاقتصاد الروسي
خفض للإنتاج
لم يتوقع كثير من المراقبين خفضاً إضافياً من قبل أوبك + لكن الخفض قد يصبح واقعاً حتى دون قرار جديد من دول المجموعة، فوقف تصدير الخام الروسي إلى أوروبا سيسبب نقصاً في المعروض العالمي لا يمكن تعويضه في الظرف الحالي، فستتأثر الأسعار مجدداً، وقد نشهد ارتفاعات جديدة في أسعار الخامات، من جهة أخرى، قال ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي: «لن نتعامل بموجب سقف أسعار النفط حتى إن اضطررنا إلى خفض الإنتاج». دون أن يوضح كيف ستنظم روسيا هذا الخفض، وما شكل التنسيق الذي يمكن أن يجري في حالة كهذه مع باقي الدول المنتجة للنفط.فبحسب الأرقام الرسمية استوردت أوروبا حوالي 1.78 مليون برميل يومياً من الخام الروسي في أيلول بزيادة متواضعة من 1.69 مليون برميل يومياً في آب الماضي ويشكل النفط المنقول بحراً أكثر من ثلث هذه الكمية ما يعني أن قرار روسيا بخفض انتاجها إذا حصل سيقلل كمية الإنتاج العالمي بشكلٍ ملحوظ,
تبدو الخطوات الغربية أكثر تخبطاً من أي وقتٍ مضى، في مقابل تناغم بين دول أوبك+ والذي يسمح لدول المجموعة بحركة مرنة، واستجابة سريعة، والأهم من ذلك، أنه يثبت تحوّلاً تاريخياً ينجح فيه منتجو الخامات في تحديد سعرها، وحرمان الغرب من فرض السعر الذي يريده، والذي نجح من خلاله بنهب ثروات هذه الدول لعقود طويلة.
تشير بعض التقارير إلى أن الصادرات النفطية الروسية المنقولة إلى دولٍ، مثل: الصين والهند وباكستان، قد تتعرض أيضاً إلى ضغوط، بسبب حرمان هذه الدول من خدمات الشحن والتأمين، التي تقدمها دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبعة الكبار، ما يمكن أن يدفع الدول الراغبة لشراء الخام الروسي للاعتماد على نقل النفط بطرقٍ بديلة، أو البحث عن شركات نقل وتأمين بديلة غير خاضعة للدول المذكورة. مع العلم أن إمكانيات كبيرة للتلاعب تبقى واردة، عبر إخفاء مصادر شحنات النفط الأصلية، في محاولة للالتفاف على الرقابة الغربية، وهي حالة مشابهة للضغوط التي تعرض لها النفط الإيراني سابقاً، والذي وعلى رغم الضغوط كانت طهران قادرة على إيجاد منافذ لتصريف إنتاجها، عبر بناء شراكات متينة بعيدة عن الغرب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1099