شباب فلسطين يعرفون طريق الخلاص
يبدو المشهد الفلسطيني نابضاً بالحياة، فالمسألة باتت محسومة، نحن أمام تصاعد غير مسبوق يمكن أن يتجه إلى انفجار شامل لا يبّقي ولا يذر، فتطورات الأحداث قادرة على فرض حسابات جديدة على الجميع، لا يمكن معها الحديث عن أية تسوية أو تهاون.
نفّذ المعلم محمد كامل الجعبري عملية فدائية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فالمدينة التي كانت هادئة نسبياً في الأيام الماضية استيقظت على عملية الجعبري، التي استهدف فيها مجموعة من المستوطنين وقتل أحدهم وأصاب 5 آخرين.
هدف مضبوط واحتفالات لاحقة!
لم يستهدف الجعبري هدفاً عشوائياً، بل على العكس تماماً، إذ حاول في عمليته هذه استهداف مستوطن متطرف، وهو «عوفر أوحانا» الذي تضج مواقع الأخبار بأفعاله المشينة، فعوفر هذا كان يدوس على جثث الشهداء الفلسطينيين بعد قتلهم من جنود الاحتلال، وبالإضافة إلى عمله في أمن مستوطنة «كريات أربع» يعمل في بقالية استولى عليها من أحد الفلسطينيين، بالإضافة عدد من المهن الأخرى التي ظهر فيها كممرض، وسائق سيارة إسعاف، ومصور لصالح وكالة رويترز الأمريكية، ويُحفظ في تاريخ «المسعف الصهيوني» الكثير من الحوادث التي أعاق فيها وصول السيارات لإسعاف مصابين فلسطينيين قبل استشهادهم، أمثال الشهيدة هديل الهشلمون، والشهيد سعد الأطرش، والشهيد عبد الفتاح الشريف.
الأنباء المتناقلة عن إصابة عوفر كانت سبباً كافياً للاحتفالات التي عمت الأجواء في الضفة الغربية، ورصدت العديد من المقاطع المصورة، الروح المعنوية العالية للفلسطينيين بعد العملية.
الخليل وما بعدها
يُجمع عدد كبير من المقاومين الفلسطينيين، أن دخول الخليل على خط المواجهة يعني تطوراً نوعياً جديداً في عمل المقاومة في الضفة الغربية، إذا تحمل الذاكرة الفلسطينية الكثير من بطولات الخليل. لكن هذا التصور يبقى محدوداً إذا ما جرى النظر إلى الصورة الكاملة في الضفة تحديداً. فالمؤشرات كلها تقول: إننا أمام حالة نهوض شعبي شامل لا يمكن تأطيرها ضمن الأطر السياسية التقليدية للفصائل الفلسطينية، فعلى الرغم من وجود علاقات قائمة بين الشباب الفلسطيني المقاوم وبين الفصائل، إلّا أننا أمام حالة مختلفة لا يمكن فهمها إلا بوصفها التعبير الشعبي الصادق والناضج الذي يدرك السبيل الوحيد للخروج من حالة الركود، التي فرضها الانقسام الفلسطيني من جهة، واتفاق أوسلو من جهة أخرى، ومجمل رواسب فترة التراجع.
الأزمة الصهيونية المتفاقمة على المستوى الدولي والمستوى الداخلي لن تنتج إلّا مزيداً من التراجع، هذه الحقيقة السياسية يدركها شباب فلسطين الذين ظن البعض أنهم خارج المعادلة. والذين رغم صغر سنهم إلّا أنهم خزّنوا في ذاكرتهم الجمعية آلاف البطولات والخبرات السابقة، التي باتت تسبب كابوساً حقيقياً لجيش الاحتلال المدرب والمدجج بأحدث الأسلحة، والذي يواجه اليوم لا أفراداً متفرقين كما نراهم، بل وحدة فلسطينية شاملة، تتحرك بتناغمٍ كبير، كما لو أنها غرفة عمليات واحدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1094