هل تتحول براغ إلى «شرارة» مجدداً؟
عتاب منصور عتاب منصور

هل تتحول براغ إلى «شرارة» مجدداً؟

شهدت براغ، عاصمة جمهورية التشيك، يوم السبت 3 أيلول الجاري مظاهرات حاشدة بلغ عدد المشاركين فيها حسب وسائل الإعلام الغربية، حوالي 70 ألف شخص، ورغم أن هذه الاحتجاجات لم تكن الأولى من نوعها في أوروبا مؤخراً، إلا أن ما شهدته براغ جاء بملامح سياسية أكثر وضوحاً من كلّ ما سبقها.

بعد فشل محاولة المعارضة حجب الثقة عن الحكومة في جَلسة البرلمان التشيكي، دعت قوى وأحزاب ومنظمات سياسية مختلفة- ومتنوعة من حيث البنية- إلى مظاهرات شعبية للتنديد بسياسات الحكومة الحالية.

«جمهورية التشيك أولاً»

وحّد هذا الشعار الاحتجاجات التي هاجمت الاتحاد الأوروبي الخطة الأوروبية الخضراء التي حمّلت الدول أعباءً فوق طاقتها. وندد المحتجون بحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ووجهوا انتقادات شديدة للحكومة، وطالبها المحتجون بالاستقالة. وهاجمت هذه القوى موقف الحكومة الحالية مما يجري في أوكرانيا، معتبرين أن مصلحة جمهورية التشيك تفرض عليها الحياد، وعدم التورط في التصعيد العسكري ضد روسيا، ويجب على الحكومة إيجاد سبل سريعة لتخفيف حدة التضخم، وأزمة الطاقة التي تعصف بالبلاد. وخصوصاً أن التشيك تقدم دعماً عسكرياً واقتصادياً كبيراً لأوكرانيا حتى الآن، مما دفع المحتجين لرفع لافتات كتب عليها «الأفضل للأوكرانيين وكنزتان لنا»، في إشارة إلى المخاوف من ارتفاع فواتير التدفئة في الشتاء.
جاء رد الحكومة كما هو متوقع، إذا وصف رئيس الوزراء بيتر فيالا المتظاهرين بأنهم: «موالون لروسيا وقريبون من مواقف متطرفة، وتتعارض مصالحهم مع مصالح جمهورية التشيك». وأضاف فيالا «واضح أن حملات الدعاية والتضليل الروسية موجودة على أراضينا، وبعض الأشخاص يصغون إليها ببساطة» دون أن تقدم الحكومة أية تصورات لكيفية الحفاظ على مصالح جمهورية التشيك، في ظل الظرف الحالي والمحاولات الأمريكية المستمرة لتوريط الدول الأوروبية في هذا النزاع، وتحميلهم الفاتورة الكبيرة لَمَّا يجري.

براغ و«الثورة المخملية»

يرتبط اسم براغ بما عرف باسم «الثورة المخملية» عام 1989، التي تعتبر بالنسبة للكثير من الباحثين الشكل الجنيني للـ «الثورات الملونة» التي تلتها، وحينها تحركت حشود ضخمة من المحتجين في عاصمة جمهورية تشيكوسلوفاكيا آنذاك، والذين طمحوا للتغيير، ليجدوا أنفسهم لاحقاً أداة جرى استخدامها لتحقيق ما يناقض مصلحتهم، حيث جرى تقسيم بلدهم وإفقارهم ونهب ثرواتهم، واليوم يتحرك المتظاهرون في شوارع براغ ذاتها ويتهمون نظامهم السياسي بأنه يعمل عكس مصالحهم، فهل تتوسع هذه الحركة أكثر؟ وهل يمكن أن تنتقل حركات كهذه إلى أوروبا التي أصبحت شعوبها تدرك أنها الخاسر الأول من سياسات حاكميهم؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1086