في فلسطين قضية واحدة وردٌ واحد
محرر الشؤون العربية والدولية محرر الشؤون العربية والدولية

في فلسطين قضية واحدة وردٌ واحد

انتهت المواجهات الحامية في قطاع غزة بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في يوم الأحد 7 آب الجاري الذي تم بوساطة مصرية، لكن الأجواء ما تزال متوترة، وهو ما دفع مصر لاستضافة وفد من حماس والجهاد الإسلامي في القاهرة، وذلك لبحث بعض الملفات، وتحديداً البنود التي لم ينفذها الكيان بعد، بل يحاول التنصل منها.

بعد الأيام الدامية التي شهدها القطاع، والتي تركّزت ضربات الاحتلال أثناءها على قيادات نوعية في منظمة الجهاد الإسلامي، التي استطاعت على الرغم من ذلك توجيه ضربات جوابية متجاوزةً آثار الاغتيالات النوعية بشكلٍ سريع، وغير متوقع من قبل الكيان، الذي أدرك أن استمرار الضغط العسكري على القطاع يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، تحرمه من التبجح بتصفية اثنين من قادة «الجهاد» البارزين. فدخل في اتفاق للتهدئة مع الفصائل مشروط بوقف العدوان وإطلاق سراح كل من بسام السعدي وخليل العواودة.

تلاعب صهيوني مكشوف

بعد أن ضمن الكيان وقفاً لإطلاق النار وهدوءاً على الجبهة في غزة، عاد ليطلق عملية أمنية وعسكرية في نابلس، استهدفت مجموعة القيادي إبراهيم النابلسي الذي استشهد برفقة اثنين من رفاقه على إثر هذه العملية. ولم يعلن حتى اللحظة عن موعد إطلاق الأسرى الذين شملهم الاتفاق، بل الأكثر من ذلك، أن مسؤولين صهاينة ينكرون أن إطلاق سراح السعدي والعواودة كان جزءاً من الاتفاق أصلاً! ما يجرّد الوسيط المصري مجدداً من ثقة الأطراف الفلسطينية، التي بدأت تهتز بالفعل، وخصوصاً إذا استمر رفض الكيان للالتزام بتعهداته التي ضمنت مصر تنفيذها في مقابل وقف رد المقاومة على العدوان.
الأجواء المتوترة هذه تعيد احتمال التصعيد مجدداً، لكن المشكلة الأبرز التي ينبغي الوقوف أمامها وحلّها هي ضرورة وجود استراتيجية فلسطينية للتعامل مع المخطط الصهيوني الجديد- القديم، المبني على أساس تجزئة القضية الفلسطينية إلى «خصومات» متعددة بين الكيان من جهة وفصائل فلسطينية متفرقة من جهة أخرى. فاستهداف الكيان اليوم فصيلاً محدد دون غيره لا يعني أن الفصائل الباقية ستكون بعيدة عن نيرانه في المستقبل. بل إن المثال الأخير وحده كان كافياً، فاتفاق وقف إطلاق النار بين الجهاد الاسلامي والكيان الصهيوني لم يمنع الأخير من تنفيذ حملة تستهدف الضفة بعد 48 ساعة من سريان الاتفاق! كما لو أن الدماء في الضفة غير الدماء في غزة!
يكذبُ الكيان حين يقول: إنه يتعامل مع القضية الفلسطينية كملفات منفصلة، بل إن استراتيجيته لتصفية القضية تقوم على أمل إيهام أصحابها بأن «قضاياهم منفصلة موضوعياً»، ما يلعب دوراً في حالة الشقاق السياسي القائمة فعلًا. وعليه تكون وحدة الصف الفلسطيني شرطاً لازماً لنصر القضية، وإفشال محاولة التفرقة المستمرة، ويمكن النظر إلى غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية، وإلى شعار «وحدة الساحات» أيضاً، بوصفهما خطوتان في الاتجاه المطلوب. وحتى إنْ توقف الطور العسكري الحامي مؤقتاً، فإنّ السبيل بات واضحاً عبر الاستمرار بالعمل على رأب الصدع الفلسطيني الداخلي، انطلاقاً من اعتماد المقاومة المسلحة سبيلاً مشروعاً لتحصيل الحقوق، ووصولاً لاستكمال الهياكل السياسية لهذه المقاومة، بالاستناد إلى ما أنتجه الشعب الفلسطيني خلال نضاله من مؤسسات، وبالاستناد إلى حركة الأسرى التي باتت تشكل ضمير القضية، وواحدةً من أهم الفاعلين فيها، بحيث يتحقق التكامل الضروري بين الاشتباك المسلح والاشتباك السياسي، بين غزة والضفة والقدس وأراضي 48، بين الداخل الفلسطيني والشتات...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1083