العراق مسمار جديد في نعش التطبيع
ملاذ سعد ملاذ سعد

العراق مسمار جديد في نعش التطبيع

حصلت تطورات عديدة ضمن الملف العراقي خلال الأسبوعين الماضيين تعكس في ثناياها حجم الأزمة والضغوط التي تتعرض لها المنظومة العراقية من قبل الشعب العراقي أولاً، والتطورات الدولية ثانياً.

كان الحدث الأبرز من هذه التطورات هو إقرار مجلس النواب العراقي في الـ 26 من شهر أيار قانون «تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني» على جميع العراقيين والأجانب العاملين في العراق، والذي يحتوي عقوبات تصل حدّ الإعدام، وقد أوجد هذا القرار ترحيباً شعبياً كبيراً، بينما أعربت واشنطن عن «قلقها» من القرار، وجاء في بيان صادر عن المكتب الصحفي للخارجية الأمريكية أن القرار «يتناقض بشكل حادّ مع التقدم الذي أحرزه جيران العراق في بناء الجسور وتطبيع العلاقات». وأصدرت «إسرائيل» بياناً يدين القرار بطبيعة الحال.
إن هذا القرار يحمل عدة أبعاد محلية وإقليمية ودولية، فمن جهة يستند وبشكل أساسي إلى إرادة الشعب العراقي التي يعبر عنها على الدوام، والتي ظهرت خاصة خلال محاولة جس النبض في الـ 24 من شهر أيلول من العام الماضي حينما عقد ما سمي بمؤتمر «السلام والاسترداد» للتطبيع في أربيل، وما تلاه من ردود فعل شعبية وسياسية حادة عليه، أوضحت بما لا يضع مجالاً للشك أن هذا الأمر يمثل خطاً أحمرَ ولا يمكن الالتفاف عليه.
ومن جهة ثانية، فإنه يمثل مؤشراً على تراجع أمريكي وحلفائه في البلاد، مما يعني أيضاً أن الانسحابات العسكرية الأمريكية السابقة من العراق قد بدأت تظهر نتائجها الأولى على ماهية العراق ومساره واصطفافه وقراراته بشكل واضح دون الإملاءات الأمريكية، والتي ستتثبت وتتضح بشكل أكبر خلال المراحل القادمة.
وعلى الصعيد الدولي، فإن القرار بلحظته ومعانيه يأتي متوافقاً مع التطورات الدولية الماضية والمتسارعة بغير مصلحة الغربيين و«إسرائيل» ويقطع الطريق تماماً أمام أية أوهام تطبيعية لديهم مع العراق.
وفيما يتعلق بواشنطن وتل أبيب تحديداً، فإن القرار مِثَّل ضربة موجعة لهما بعد كل حفلات التطبيع الإعلامية السابقة مع دول أخرى، وما تلاها من محاولات لضم العراق إليها.
أما ما هو أشمل من كل ما سبق فيما يتعلق بملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، هو أن القرار العراقي فضلاً عن كونه يعكس إرادة الشعب العراقي أولاً وأساساً، إلا أنه يعكس تطوراً دولياً أيضاً، وربما يكون مؤشراً على اقتراب نهاية مهرجانات التطبيع كافةً، سواء في العراق أو غيره، وأن هذه المهرجانات وما حققته من خطوات إعلامية-سياسية لصالح الكيان وصلت ذروة «فقاعتها» وباتت تتهدد بالتفجير والارتداد عليه، فالمغرب على سبيل المثال فقط، لا يزال شعبها بتنوعات انتماءاته السياسية وحراكاته يُعقد ويصدر بشكل شبه يومي اجتماعات وبيانات تدين الحكومة على التطبيع، وتؤكد موقف المغربيين بدعم الفلسطينيين في قضيتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1073
آخر تعديل على الأربعاء, 08 حزيران/يونيو 2022 13:04